الروائية والقاصة اللبنانية لونا قصير :أكتب ما يحلو لي بلا خوف وتردد، وبصدق والكتابة حرية لا يعرفها أو يشعر بها إلا كاتبها

Views: 3275

 عبد الناصر العبيدي 

(اعلامي وصحافي- العراق)

 

هي قاصة تمتلك قلم شفاف ورقيق  من خلال ذلك  استطاعت  وخلال فترة قصيرة أن تحجز لها مكاناً فخما بين أدباء لبنان  وأن تضع  اسمها بقوة الكلمة  والحرف الجميل  فكتابتها كانت ولازالت  من السهل الممتنع  ماكتبته من قصص وروايات استطاعت لفت  الانظار اليها  لاسلوبها الجديد المتميز والمشوق الذي لا يشبه الا شخصيتها  فهي ترى في الأدب حالة باطنية شعورية لا بد من إخراجها على الورق وفي قصصها ورواياتها  تحاكي هموم المجتمع  والناس وتصور معاناتهم  وتطرح قضايا المرأة وما تواجهه من قهر اجتماعي وتحديات وأحلام .التقيت لونا قصير في حوار واليكم ماقالت:

  1. متى كانت البداية مع عالم الأدب .وكيف تشكل وعيك القصصي والروائي ، ومتى كانت الاضاءة الاولى للقصة البكر؟

لم أخطط لأي بداية مع عالم الأدب، رحلتي مع الكتابة ليست حديثة، فمنذ  حداثة سني أكتب يومياتي وكل ما يدور من حولي من حزن أو موت أو أي حدث مهم،وهنا تتداخل المشاعر والأحاسيس الشخصية، ومن خلال هذه الأحداث إنتقلت من رؤية محايدة الى رؤية ذاتية داخلية عن وجهة نظري، وليس لها أي علاقة بمشاعر الآخر.

مضت السنون تزوجت وأصبحت أمّا، وعملت في مجالات عديدة لا علاقة لها بالرواية أو القصص، وسافرت إلى بلدان عديدة، كل هذه المحطات أعطتني زخمًا للكتابة وكانت بمثابة تحضير دون أن أدري لمشروع الكتابة.

في عام 2014 قررت أن أستقيل من عملي ، كنت حينذاك في مسقط، التي أدهشني جمال طبيعتها، وربطتني بها علاقة روحانية، جبالها بحرها وطبيعتها الخلابة، خاصة أنني زرت كل الأماكن، وكنت متفرغة، فرحت أقضي وقتي في الكتابة وكأنني في لحظة قررت أن أرمي كل سنوات الماضي والحاضر على ورق، وأنثرها في فضاء الحرية.

جمعت هذه الخواط والوجدانيات والقصص وسافرت إلى لبنان لأجمعها في كتاب كذكرى فقط، فكان القميص الزهري باكورة أعمالي، ومن هنا ابتدأت مسيرة الكتابة، ونقلت كل تلك الأحداث والمشاعر باسلوبي الخاص في روايات مختلفة ومتعددة اسمها الحياة بكل مشاكلها وفرحها وحزنها وبساطتها.

  1. هل كان الطريق سهلا للدخول الى عالم الادب (القصة والرواية) ام واجهت صعوبات كيف تغلبت عليها في ظل وجود اسماء ادبية كبيرة في المشهدالأدبي اللبناني؟

أي عمل تقوم به بمحبة وشغف لا تفكر بالصعوبات التي تعترض طريقك، بالنسبة لي الكتابة هي حرية، وحريتي بالذات ، فأنا أكتب ما يحلو لي، بلا خوف وتردد، وبصدق، فلماذا يجب أن أخاف؟ طالما كتاباتي تلتزم حدود الأخلاق والأدب.

رواياتي من واقع الحياة: اجتماعية، انسانية، درامية، رومانسية، لكنَها لا تخلو من الخيال، وهي مواضيع معاصرة لا نزال نعيشها حتى يومنا هذا ومنذ عقود، هي قصص الحياة بفرحها وحزنها.

الصعوبات التي واجهتها لم تكن في الأفكار والأسلوب إنما في طريقة كتاباتي، فأنا عفوية جدًا وانفعالية، أكتب دون أي تصميم للرواية، وهذا الأمر يتعبني فيما بعد عند انتهائي من الكتابة، فيجب مراجعة تسلسل الأحداث خوفًا من أي تناقض أو هفوات لغوية، وهذا العمل يأخذ من وقتي أكثر من الرواية بحد ذاتها..

الكتابة ليست عرض عضلات بقدر ما هي مصالحة مع الذات فلكل كاتب اسلوبه وروايته، أؤمن أن الموهبة هي الأساس ومن ثم يأتي عامل اللغة والمعرفة والخبرات، فإن كنت تكتب بصدق وشغف لماذا عليك أن تقارن نفسك مع الآخر؟ هناك أسماء كبيرة جدًا ومهمة فهنيئًا للجميع، ولكل من يترك بصمة في هذا العالم الأدبي الواسع، فهو زخم وفخر لوطنه والعالم، بمعزل عن نوعية الرواية التي كتبها، سواء كانت رواية : تاريخية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو علمية…

 

  1. ماهو مفهومك للكتابة؟

الكتابة حرية لا يعرفها أو يشعر بها إلا كاتبها، أنت سيد نفسك، تغط وتحلق وتسافر أينما شئت، لا أحد يستطيع أن يشتت أفكارك ويمنعك من كتابة ما تريد وما أنت مقتنع به. الكتابة دواء للكاتب والسامع والقارىء، فهي تنقي النفس من الألم والحزن والمعاناة والوجع، والمشاعر المتناقضة والمتخبطة. الحروف وفية وتحتضن جميع القلوب دون استثناء وبغض النظر عن انتماءه ومعتقداته، فمن منا ليس لديه قصة ليرويها!!! المهم كيفية ايصالها إلى الاَخر واستنتاج الحكمة والعبر منها!

  1. لماذا يقولون أن كل رواية تكتبينها هي قصتك؟

من المستحيل أن تكتب رواية من غير أن تكون بصمات شخصيتي فيها، وفكري واسلوبي، فكل رواية تبدأ من واقع، ومن بعدها تحلق في عالم آخر ممكن أن يكون من خلال أحداث لا علاقة لها بي، وللخيال حصة وافرة، وهنا تكمن قوة ابداع الكاتب في نقل القارئ الى عالمه بشرط أن تلامس مشاعره.

في النهاية الرواية هي مجموعة أحداث متفرقة نجمعها كمن يلتقط النجوم في السماء ويضعها في قالب روائي، وإن كانت الأحداث في غير مكان وزمان، بشرط أن تخدم مضمون الرواية والهدف الذي يصبو إليه الكاتب.

  1. هل صحيح ان المرأة الاديبة كثيرا ما تتخذ من الكتابة وسيلة لكل تناقضاتها مع الرجل ماردك على ذلك.؟

أبدًا، أقله بالنسبة لي، لأنني نشأت على مبادئ شرقية واوروبية في الوقت ذاته، فلم أفكر أبدًا من هذا المنطلق، كتبت كثيرًا عن المرأة من خلال روايات رومانسية، عبرت عن مشاعرها ومواجهتها للمشاكل التي تعانيها من المجتمع عامة، لكن ليس بهدف التناقض معه.

  1. هل من طقوس تمارسينها لتبدأي بالكتابة ؟

كتابة الخواطر والوجدانيات لا تحتاج إلى تركيز، هي مشاعر وأفكار تداهم قلبك فتسرع وتكتبها، أما بالنسبة للرواية فالموضوع مختلف، فهي تحتاج إلى تركيز وصفاء ذهني بعيدًا عن الضوضاء وانشغالاتنا في حياتنا اليومية.

الكاتب يشعر بالخوف عندما تخونه أفكاره، لكن في الحقيقة حتى في عز الانشغالات يبقى العقل يقظًا ويسجل كل الأحداث المهمة، وعندما ينعزل عن العالم تستيقظ ذاكرته ويستفيض في الكتابة.

الموسيقى مهمة جدًا بالنسبة لي، بغض النظر عن نوعها، فكل نوتة تحرك مشاعري وتساعدني على التعبير بشكل أوضح.

  1. موجز بسيط عن اصدارتك
  • القميص الزهري: 2014

كتبت عن البحر، والجبل، والمدن، والوطن، والحبيب، والصديق، كتبت عن بشاعة الأيام، وعن جمالها، كتبت عن القرية التي ارتمت في أحضانها كالكثيرين من أبناء هذا الوطن. كتبت عن العمر والسنوات الضائعة.

  • رواية بلاد القبلات:2015

“بلاد القبلات” جزءٌ لا يتجزأ من النصْ وهو النُقطةْ الأساسية لتحوّل شخصية فتاةْ، سافرت إلى فرنسا ، وبدأت تقارن بين التقاليد والعادات الاجتماعية في الشرق والغرب، واختلاف التربية والثقافة بينهما، ومدى تأثيرِها علينا وخاصة في مرحلة المُراهقة، لأننا في هذه المرحلة كالعجينة قابلة للتأقلم بسرعة.. فالحريات والتقاليد والعادات عندَهم لا تُشبه مجتمعَنا العربي.. فأيٌ منها الأصح وما الفرق؟ فهل نحن مجتمعٌ منفتحٌ كما ندعي؟

تبدأ الرواية بحوار بسيط، لن يفهم القارىء من الشخص المتلقي إلا في نهاية الرواية.. تروي السيدة عن أحداثٍ ابتدأت من مهدْ الطفولة الى سنٍ متقدمَ من العمر، عَبرَ حوارها وفي كل حدث علامة استفهام تطرح من خلالِه ما مدى علاقة هذه الأحداثْ في تغيير مصيرِنا في الحياة.

  • رواية فراشة التوت:2016

أهمية الحب في حياة المرأة وتشبثها في البحث عنه، المرأة الفراشة التي تعشق الوجود ولا تهاب الخطر. العشق الروحي من خلال الشاشة. الالكترونية/ هل حقاً الروح تعشق قبل الجسد! ما مدى خطورة هذه العلاقات الافتراضية هل هي دائما آمنة!

الاختلاف في التقاليد الاجتماعية بين الشرق والغرب. الزواج المختلط، بين أتباع الديانات المختلفة. فارق السن بين الرجل والمرأة. هل الحب يتكلل دائما بالزواج. هل يدوم الحب من غير زواج، في الرواية يستطيع القارىء أن يحلل شخصيات الأبطال في الرواية من خلال تصرفاتهم والحوارت التي تدور بينهم ويستنتج العبر منها

  • رواية مرآة الروح:2018

هل نحن مسيّرون أم مخيّرون؟ نخاطب أرواحنا، أحرارًا ، ولا نهاب الحواجز التي تمنعنا من العبور إلى أرض الواقع إلى أفق لا حدود له. إنها بلا صوت لا ضجيج لها، لا أحد يسمعها سوانا، لنجد أنفسنا مسيرين وتبقى قراراتنا ضمن نافذة صغيرة في إطار كونيّ لا نعرفه اسمه القدر. في “مرآة الروح” الكثير من المشاعر والحب والتضحية إلى درجة الفناء.. هل الصراع مع النفس هو من أصعب الصراعات التي تأخذنا تارة كتيارات البحر إلى أعماقه وطوراً إلى شاطىء الأمان؟ المشاعر لا يهمها كبيرًا ولا صغيرًا.

  • رواية غرفة مغلقة2021

كتبت عن الرجل الشرقي صفات نبيلة وتعلقه بجذوره وحبه للعائلة، وطرحت قضايا اجتماعيّة ما زالت تساور المجتمع العربيّ، وأبرز هذه القضايا تجلّت من خلال توظيف الثنائيّات الضديّة كالحرب والسلم، التقليد والحداثة، الزواج من امرأة أجنبية، إضافةً إلى قضايا الدين والعقل والموت ووهب الأعضاء ومعارضة هذا الأمر.

  • رواية “أخطاء وخطايا” 2023

كالفرقِ الشاسعِ بين الخطأ والخطيئة.

الخطيئةُ هي الإصرارُ على الإثمِ، ولا تحتاجُ إلى أدلةٍ لتخفيفِ الحكمِ عليها، لأنها تَقضي على الجسدِ والروح، لكن الأولى، “أخطاء”، لا تبررُ الثانية ، “خطايا”، والعكسُ صحيح، إذ عندما يتجاوزُ الخطأ حدوده، ويتكررْ، يتحوَلُ إلى خطايا لا تُغتفرْ، ولا يُمكنْ إصلاحَها.

 

  1. وكيف استطعت صناعة قارئا للسرد النسوي العربي المعاصر في ظل وجود منجز ذكوري كبير؟

المرأة بارعة أكثر من الرجل في كتابة المشاعر، لذلك وجود منجز أدبي ذكوري لا يؤثر عليها. لقد وصلت المرأة إلى مراكز مهمة أثبتت جدارتها وكفاءتها وتميزها في مجالات عديدة.

  1. كيف تقيمين مستوى النقد لبنانيا وهل اصابتك سهام النقد يوما ما ؟

لدينا نقاد ذو مستوى رفيع ولا يجاملون أبدًا، فلبنان الرسالة والحمد لله لدينا أسماء مهمة جدًا وخالدة. لا يزعجني النقد، لكن بشرط أن نميَز بين النقد البناء والنقد الهدام، فالفرق شاسع بينهما..  طبعًا انتقدت عدة مرات، وخاصة بسبب بعض الهفوات اللغوية،  تسبقني دائما أفكاري، فالخواطر هي بنت اللحظة، ولأنني عفوية أنشرها بسرعة فتأتي الانتقادات لاذعة.

  1. كيف تعاملت معها؟

النقد البناء يُبيّن للشخص أخطاءه، وهو ضروري ليطوَر من نفسه ومن ذاته. أنتبه لكل نقد بناء

و أحاول قدر المستطاع  أن أكون حذرة أكثر

  1. متى نقول لا مجد بلا تحدي؟

لا علاقة للمجد بالتحدَي، إن كنت تتحدَى نفسك لتحسن من ذاتك فهذا الأمر ضروري للتقدم في مسيرتك. الكتابة لا تحب التحدّي، أو تكتب بشغف أو لا تكتب. المجد يأتي ما بعد الموت، المجد في الحياة باطل.

  1. ومتى نقول كما قال سارتر (الاخرون هم الجحيم )

الآخرون هم الجحيم إذا توقفت عن أي عمل من أجل ارضائهم، اكمل طريقك ولا تهتم بما يقوله الآخرين، طالما أنت مؤمن بما تقدمه و عملك لا يتخطى حدود ما يمليه عليك ضميرك وقلبك.

  1. ومتى نقول هم الفردوس الاعلى؟

هم السابقون المبادرون إلى فعل الخيرات والذين تتعلق نفوسهم وقلوبهم بالذوات الجميلة..

  1. ومتى نعيش بلا جدوى..

نعيش بلا جدوى عندما تتوقف طموحاتنا ولم يعد لدينا أي هدف في الحياة

 

  1. ونموت بلا جدوى

لكل منا مهمة على هذه الأرض، بمعزل عن قيمتها في نظر الآخرين..

  1. متى ينتهي حزنك

الحزن هو جزء من حياتنا، من لا يحزن لا يملك أي مشاعر، والإنسان الذي لا يشعر هو مجرد آلة..

  1. شعارك في هذه الدنيا

العائلة والصحة والمحبة

  1. سؤال حيَر البشرية وأنت منهم.

هناك أسئلة عديدة، لكن أهمها ماذا بعد الموت؟

  1. سؤال عذبك منذ الطفولة

لا يجد أي سؤال عذبني.. أؤمن بالقدر وأقبل به

  1. هل ظلمت نفسا في يوم ما وندمت؟

سؤالك ذكرني بروايتي الجديدة، جميعنا نخطئ ولكن تكرار الخطأ يتحوَل إلى خطايا. لم أفكر في حياتي أن أظلم أي انسان. أكره الشر والأشرار.

  1. ماذا عن ظلم الاخرين عليك؟

هناك ظلم كبير في هذا العالم، إن أردت أن تسألني إن ظُلمت أخجل أن أقول لك نعم. تعرضت لكثير من الافتراءات، لكن لا بأس دع الزمن يمضي فهو كفيل بحل كل شيء.

  1. لو قيض لك البدء من جديد أي مسار ستختارين؟

خياراتنا تختلف باختلاف مراحل حياتنا ، لذلك أقول لك سأختار دائمًا المسار الألطف، نحن نأتي نزهة إلى هذه الحياة  فلتكن لطيفة علينا كي نرحل بسلام

  1. هل لديك مشاريع جديدة؟

لدي مشاريع عديدة، أتواصل حاليًا مع شركات الانتاج لتحويل بعض الروايات إلى فيلم أو مسلسلات والله ولي التوفيق

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *