عودة القرية

Views: 492

د. جان توما

وعادت القرية إلى أهلها. تحت تلك السنديانة العتيقة في ساحة كنيسة مار سمعان، ( قرية فيع، الكورة)، استعاد أهل القرية السهرات العائليّة التقليديّة بعد عيد السيدة مساء أمس الجمعة.

لملمت كلّ عائلة ما تيسّر وطاب، مع كامل أفرادها، وتجمّعوا في الساحة، يتبادلون كميات الفرح باللقاء، بعد غياب فرضته كورونا وتوابعها وما تلاها من أزمات صحيّة أو اقتصاديّة أو اجتماعيّة.

عادت الوجوه تطفح بالسؤال عن الأحوال، ونال المغتربون العائدون كمًّا من الأسئلة التقليديّة، وأوّلها: متى أتيت؟ ومتى أنت مغادر؟ كما تلتقي من ظننته بعد سنوات من عدم لقائه، أنّه مات، أو هاجر بعدما انقطعت أخباره عنك.

يلفتك تكريم الناجحين من شباب وصبايا الضيعة بالبكالوريا اللبنانية، ويلفتك عودة الطبل ىإيقاعاته الموسيقيّة الفولكلوريّة بعيدًا عن الاستعراضات البهلوانيّة، فترى الشاب والعجوز والطفل يتسابقون على الدبكة التي تستعيد التراث المحلّي في التعاون والتكاتف و”خبطة قدمكم على الأرض هدّارة”.

كما تلفتك الضحكات الطالعة من القلب لدى المجتمعين بعد غياب، وخاصة بين أفراد العائلة التي تجمع أبناءها تحت هذه السنديانة، بعد شتات وافتراق ووجع وغربة، وإن شعشعت أنوار أجهزة الخلويّ في العشاء تصويرًا، أو استراق نظر،  أو تلقي سلام.

إن عودة هذه المناسبات القرويّة مهمة، إذ تتكافل الأجيال وتتعاون، إذ لم تعد الأجيال على تواصل، ضاع الرابط بين الأعمار، إرشادًا وتوجيهًا واستفادة خبرة، وتعاونا بين مختلف الأعمار لإنجاح مشروع يمتّن العلاقة الاسريّة، ويوحّد قلوب الأهل بالمحبة والمودة والتعاون على البرّ والإحسان، ويفسح المجال للشباب الطالع ليبرز مواهبه الغنائية، أو الموسيقيّة، أو الفكريّة في بيئة عائليّة متماسكة ومتفهّمة وواعية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *