لونا قصير في “غرفة مغلقة”… امرأة تنشد الجمال والكمال
كلمة المهندسة والشاعرة ميراي شحاده (رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) في الندوة حول كتاب “غرفة مغلقة” للروائيّة لونا قصير(منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) من تنظيم مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية (السبت 7 تشرين الأول 2023).
غرفة مغلقة
عنوان يبوح بالكثير من نقيض معناه الذي يتراءى للوهلة الأولى لقارئه كمساحة محدودة لا بل مغلقة؛ والقارئ ينتظر شغوفًا بأي سحرٍ مفتاحٍ ستشرّع الكاتبة بابَ غرفتها وبأي يراعة ستطير خارج جدرانها لترويَ لنا فصولاً تضجّ بحريّة الحب وتضحية الإنسان وكسر أغلال زمن كبّلته موروثاتنا الشرقيّة !
وإذ بنا نلج خضم الرواية فنجد أن الكاتبة تنقلنا من عنوان ضيّق إلى مساحة بوح شاسعة لا تحدّها اجتماعيّات صفراء ولا تقاليدَ بالية، وفيها تجلّيات أبعاد أعمق من البعد، وحركة مشاعر تختلج وتبدع رغم فراغات واقعها المأزوم.
من عرف لونا، عرف النسيج الإنسانيّ الذي تتدثّر به من قيم وجماليّات وحريّة تعبير وتراث طرابلسي ممتزج بألق باريسيّ تجسّدها في ثنايا حياتها اليوميّة…فلا أقنعة ولا أوهام ولا تفلسفات قبليّة أو إقطاعية ولا تركيبات منقوصة أو مشوّهة…بل نجد واقعيّة امرأة في ارتقاء وتميّز وتعزيزِ مفاهيم اجتماعيّة وثّقت وتوثّق عبرها فراشتُنا الأديبة لونا جسور محبّة بين الماضي والحاضر، بين الوطن والاغتراب، بين القضيّة وعمق أزماتها وتعلمُ كيف ترصد كلّ أنة وكل جرح كي تبلسمه على طريقتها في كتابة رواية أو خاطرة أو ومضة. وتتقنُ كيف تعلّق في أهداب كتاباتها كل الفصول وكلّ الخمائل وتوقظُ صمت الحضارات في أحياء ذاكرتها وتضمّخها بخصب أبجديّة خيالها.
هذه لونا، ببساطة حضورها وسهلها الممتنع تُطلقُ نوارسها إلى وطن في القلب يسكنه كلّ قارئ منكم، هي امرأة تنشد الجمال والكمال في قلمها الماسيّ، وتعلو بحكاياتها من غسق الأجفان الحزينة والملبّدة برماد أو المبعثرة في ركام …
تعلو بها إلى الفوق حيث أبواقُ الحرية تُسمع، وصفحاتُ المجد تُقلبُ واحدة تلو الأخرى وجذوة الأمل معها تشتعل. هي من “قميصها الزهري”ابتكرت أرضها من طين حجارتها البيضاء وراحت تنشِد قضايا الحبّ والوطنيّة والإنسانية في أروع عروض بانوراميّة وحركة حداثة كتابيّة عربيّة رابطة مفهوم الزمنيّة بخيالها الإبداعي. سيدة الدهشة تتحوّل معها اللغة إلى ترنيمة يمتزج بها القارئ عقليّاً روحيّاً ووجدانيّاً.
من منتدى شاعر الكورة الخضراء الذي كان له الفخر أن يتبنّى طبع ونشر “غرفة مغلقة”، نتمنى للكاتبة والروائيّة لونا قصير دوام الإبحار الجماليّ ولتشعّ في هذا الوجود صوراً وإيقاعاً ورؤى وخيالا.أنت البحّارة الماهرة والمغامرة الجريئة ، تعلمين كيف توقدين شمسا في القلوب وتطفئين قلقاً وجوديّاً في هذا الكون…
هيا معاً ، نفتح غرفنا المغلقة ونرتاد الفضاء الوسيع ونكتب مع لونا معلّقات للحبّ، للطفولة، للنساء والرجال، لهذا الوطن الكئيب… ونفكّك معاً ألغازاً وألغاما ونزرع بالكلمة، المعرفة الحق والحقيقة المعرفة.
