غسان كنفاني مُستعادًا في مسرحيّة “غزال عكا”  لرائدة  طه

Views: 535

سليمان بختي

أضاءت الممثلة القديرة رائدة طه وجه غسان كنفاني (1936-1972) بعد أكثر من نصف قرن على استشهاده، وقدمت العرض المونودرامي بعنوان “غزال عكا”  في مسرح المدينة من كتابتها  وتمثيلها وإخراج جنيد سري الدين.

تناسلت وجوه كنفاني على خشبة المسرح: غسان الأب والزوج والصديق والإنسان والصحافي والرسام والمناضل، المناضل لأجل حياة عادية.

مسرحت طه فصولا ومواقف من حياته: الطفولة واليفاع والنكبة واللجوء  والصحافة والأدب والعمل السياسي حتى الحوار الأخير قبل اغتياله من الموساد الإسرائيلي. 

ماذا كان يرعب غسان كنفاني؟

كارت الإعاشة، يقول. ولكن الرعب أيضًا في حياته هو شعوره الممضّ  بأنه سيرحل باكرًا.

حاولت  رائدة طه أن تربط كل ذلك وتكثّفه بأداء رشيق وحضور تواصُلي حار مع الجمهور.

استعادته بأسمائه الكثيرة. فارس فارس وا.ف وأبو فايز .

استعادته كما يستعاد  الرمز دافئًا  وحميمًا وممتلئًا.

 

كتب غسان كنفاني الروايات والقصص والمسرحيّات والدراسات والنقد. قال الدكتور أنيس صايغ ذات مرة إن اهم من كتب في السياسة من شعراء وأدباء فلسطين هما محمود درويش وغسان كنفاني.

ذكرت رائدة طه من كتبه رواية “أم سعد”، تلك الرواية التي رسخت الوعي الساطع بحتمية المقاومة والتغيير، وأشارت إلى علاقة القرابة التي جمعته مع أم سعد وأنها امراة حفبفية.  كتب لها في الإهداء: إلى أم سعد الشعب المدرسة .

كان غسان كنفاني يحلم بالرسم ويعلّمه ويكتب بسخرية، ويدخل في سِجال مع اسمه المستعار فارس فارس ورد منه على الرد، ورأيه  أن الكاتب الساخر الذي لا يملك نظريّة فكرية يضحي مهرّجًا. أو حين يقول: ابشع ما في الاحتلال  أن يعتبر المحتل نفسه صاحب نكتة، أو  العربي الجيّد هو فقط العربي الميّت.

نقلت طه صورته عائدًا إلى حيفا بالسيارة ويتحدّث مع أفراد عائلته بعد أن كبروا . وتذكر أن آخر مقال له كان  “ملحمة المعزاية والذئب”. وربما لا نزال في هذه الملحمة.

تقطف رائدة طه مشهدًا له واقفًا على الحدود الفلسطينية اللبنانية باكيًا وبيده ليمونة وكذلك والده وعائلته.  مجرّد حدس غامض بفداحة الخسارة واستحالة العودة. حمل المشهد الأخير مشهد الاغتيال قوة آسرة وكأنه ينفذ بالكاميرا البطيئة. 

مشى من بيته في الحازمية إلى حيث السيارة وبرفقته ابنة شقيقته لميس. رأى ابنته ليلى تلعب في الفناء. أعطاها حبّة الشوكولا التي يحتفظ بها في جيبه درءا لهجمات السكّري. اعطاها لابنته لأنها كانت تريد الذهاب معه في السيارة لشراء الشوكولا من دكان آخر الشارع. نجت من الموت لكنها لم تنجُ من حُطام الذاكرة والغياب. وقع الانفجار وتناثرت أوراقه والدماء في كل مكان. بقي وجهه مبتسمًا.

قالت غولدا مائير  رئيسة حكومة اسرائيل  آنذاك: “قتل  غسان كنفاني بمثابة القضاء على كتيبة من الفدائيين”  . 

تنهي رائدة طه مسرحية “غزال عكا” بصرخة مكتومة بصوت غسان كنفاني: “اكره البامية… اكره إسرائيل”.

“غزال عكا” عمل توثيقي يشيل من السيرة والحياة  ويسكُبها في الحاضر و المستقبل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *