مسرحية “الاقي زيك فين يا علي” لـ رائدة طه ولينا أبيض… الألم مُستعادًا لأجل الحقّ

Views: 443

سليمان بختي

استعادت الفنانة رائدة  طه والدها الشهيد في مسرحية” الاقي زيك فين يا علي” على خشبة مسرح المدينة في نص من كتابتها وإخراج لينا ابيض، وفي إطار أمسيات “غزة في القلب” التي ينظمها مسرح المدينة في بيروت بالتعاون مع نادي لكل الناس وتحتفي بنضال الشعب الفلسطيني لاجل الحرية. والعرض حمل حماسته معه في ظل تفاقم العدوان على غزة. في مونودراما ملحمية تحكي فيها رائدة طه سيرة الشهيد علي الذي قاد وقام  عام 1972 مع مجموعة فدائية  بخطف طائرة سابينا البلجيكية الى مطار اللد واستشهد على أرض فلسطين. تبوح رائدة طه بالإسرار في نصها الممزوج بالسخرية، والسخرية هنا ذروة الألم  بحسب محمد الماغوط. والألم يسري في الخاص والعام والحميم والذاتي  والموضوعي.

 

تترجم الأحاسيس المستحيلة الى كلمات وعبارات ومواقف مقطوفة من شجرة الحياة. تستعيد الألم وتخافه وتقع فيه . أو تعاند حرارة الشوق لشخص هو الاب وهو المسرحية وهو الواقف كالسؤال خلف الافق. وهو الساكن في القلب حتى الموت.

تروي كمن لا يمثل ولا تفصل بين الخشبة والجمهور. تروي كمن يريد أن يتخفف من أعباء واثقال تراكمت وأرادت ان تجد من يشاركها الألم والامل او تخبئ عنده الحكاية.

 

كل اللحظات المعاشة في الذاكرة والتفاصيل كانت قابلة للمسرحة. ولكن التصعيد الدرامي كان في شخصية العمة سهيلة التي ناضلت  بلا هوادة لاجل انتزاع جثة شقيقها من ثلاجة الاحتلال ودفنها كما يليق بالبشر وكما يليق بالشهيد. هنا تتحول الحكاية الى اغنية ليس فقط لتروى ولكن لتنتقل من دار الى دار. ويصبح العمل يؤدي رسالة وهي إرادة المطالبة بالحق فلا يموت الامل ويفنى الظلم.

استطاعت رائدة طه ولينا ابيض الاضاءة على معاناة الحياة في العائلة  بعد رحيل الاب السند الغائب  والحاضر ابدا. وكيف تختلط المشاعر والحالات بين الخاص والعام  والكليات والجزئيات. 

 

كان تقطيع المشاهد ومضات سردية موفقا. كذلك استخدام الصور والوثائق والمشاهد السينمائية في خلفية الشاشة أضفى  واقعية ملموسة وكسر من احادية المشهد. خرج النص من الذاكرة الى الحياة ومن عفوية أداء طه وحضورها الأكول ومن قوة تدفقها وتواصلها مع حكايتها والجمهور والصراع المستمر والمستعاد في كل حين مع الاحتلال. كأن لا حجاب بين المسرح والواقع ولا بين الممثلة  وقصتها. 

وبالنهاية كل شهيد غائب  لن نجد مثيلا له في زمانه ومكانه وقضيته. لذلك الجملة صحيحة وصائبة.  “الاقي زيك فين يا علي…”

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *