لِقَاءُ الأحْبَابِ
د. محمد نعيم بربر
يَا لِقَاءَ الأَحْبَابِ كَمْ كُنْتَ حُلْوًا
رُغْمَ مُرِّ الأَيَّامِ وَالأَعْوَامِ
أَشْعَلَتْ فِيْكَ جُذْوَةُ الْحُبِّ رُوْحِي
مِنْ جَدِيْدٍ، فِي غَفْلَةٍ مِنْ مَنَامِ
وَأَبَاحَتْ مِنْ غَفْوَةِ الْعُمْرِ سِرًّا
طَالَ دَهْرًا، مِنَ الصِّبَا وَالْهُيَامِ
أَيْقَظَتْ فِيْكَ صَبْوَةً مِنْ حَنِيْنٍ
وَحَنَانٍ وَفَرْحَةٍ وَابْتِسَامِ
وَأَزَاحَتْ عَنْ خَافِقِ الْقَلْبِ جُرْحًا
عَادَ حَيًّا، يَئِنُّ تَحْتَ الْعِظَامِ
أَنْقَذَتْهُ مِنَ الضَّنَى، ذِكْرَيَاتٌ
أَيْقَظَتْهُ عَلَى جَمِيْلِ الْكَلَامِ
وَأَسَرَّتْ لَهُ عَنِ الْعِشْقِ قَوْلًا
بَعْدَ بَوْحٍ مِنَ الْحَيَا وَاحْتِشَامِ
حَدَّثَتْهُ عَنْ غُرْبَةِ الرُّوْحِ قَهْرًا
بَيْنَ مَاضٍ مِنَ الأَسَى وَاضْطِرَامِ
وَاسْتَكَانَتْ إِلَى حِكَايَاتِ عُمْرٍ
ضَاعَ قَسْرًا بَيْنَ الرِّضَا وَالْمَلامِ
تَلْتَقِيْهِ عَلَى صَبَابَةِ ثَغْرٍ
طَابَ شَهْدًا عَلَى مَرَاشِفِ ظَامِ
جُذْوَةَ الْحُبِّ، كَمْ كَتَمْتُكِ كَرْها
فِي رَمَادِ السِّنِيْنَ تَحْتَ الْحُطَامِ
كَمْ تَصَبَّرتُ كَيْ أَكُوْنَ عَصِيًّا
فِي الْتِقَاءِ الأَرْوَاحِ وَالأَجْسَامِ
وَتَجَرَّعْتُ مِنْ كُؤُوْسِ الأَمَانِي
أَدْمُعَ الْحُزْنِ مِلْءَ خَمْرَةِ جَامِي
تَتَلَظَّى فِي الْقَلْبِ شُعْلَةَ فَجْرٍ
تَنْسِلُ النُّوْرَ مِنْ خُيُوْطِ الظَّلَامِ
أَسْكَرَتْنِي الْحَيَاةُ مُذْ كُنْتُ طِفْلًا
وَغَزَانِي الْمَشِيْبُ، قَبْلَ الْفِطَامِ
يَا لِعُمْرٍ مَضَى عَجُوْلًا، ثَقِيْلًا
كَسَرَابٍ فِي عَالَمِ الأَوْهَامِ
مِثْلَ نَجْمٍ يَشْتَاقُهُ وَهْجُ نَجْمٍ
بِانْجِذَابِ الأَضْدَادِ وَسْطَ الزِّحَامِ
تَأْسِرُ الْقَلْبَ قَبْضَةُ الْعَقْلِ فِيْهِ
قَبْضَةُ الْعَقْلِ، حُجَّةُ الْمُسْتَهَامِ
وَتَجَلَّتْ مِنَ الْحَبِيْبَةِ ذِكْرَى
قَدْ خَشِيْتُ احْتِرَاقَهَا فِي الضِّرَامِ
لَامَسَتْ أَضْلُعِي وَشَاحَتْ بِوَجْهِي
عَنْ لَهِيْبٍ مِنَ الْجَوَى وَالْغَرَامِ
وَتَمَاهَتْ كَأَنَّهَا فَيْضُ نُوْرٍ
صَاغَهُ الْحُسْنُ شِبْهَ بَدْرِ التَّمَامِ
وَاسْتَفَاضَتْ مِنْ ثَغْرِهَا قُبُلَاتٌ
رِيْحُهَا الْمِسْكُ، طَيِّبُ الأنْسَامِ
قُبُلَات ٌ كَأَنَّهَا نَهْرُ عِطْرٍ
مِنْ وُرُوْدٍ كَثَغْرِهَا الْبَسَّامِ
أَمْطَرَتْهَا مِنْ رِيْقِهَا الْحُلْوِ شَهْدًا
فَاقَ سُكْرًا عَلَى رَحِيْقِ الْمُدَامِ
صَارَ خَمْرًا إذْ خَالَطَتْهُ اشْتِهَاءً
لَذَّةُ الرُّوْحِ قَبْلَ فَضِّ الْخِتَام !!
***
*لمناسبة “اليوم العالمي للّغة العربية”