“غمِّض عين… فتِّح عين” مسرحية تلامس القلب فَتُحيي نبضه، وتستعرض العمر وإن لم تكتمل مراحله

Views: 1354

ماريّا عبد النّور

أغمَض فؤاد يمّين وسينتيا كرم أعينهما على نصّ ساره عبدو وكريم شبلي، وفتحاها على أداء آثر بصدق التعبير وانسيابية الحركة، على خشبة مسرح دوّار الشمس- الطيّونة، الذي خلا ديكوره من التكلّف واتّخذ البساطة عنوانًا لمسرحة الأحداث. 

أحداثٌ تستعرض عُمرًا سيزيفيًا يهرب فيه البطلان من عبثية الوجود ويرتميان في كهف الحب، فيُردِّد الصدى طُمأنينةً اختارت “عَيُّود” أن تنام على همسها، وتركت العالم يرقد على صوت القنابل والتفجير. 

في المسرحية زوجان يعيشان الواقع والمتخَيّل بحب عظيم. حُب تأسره استمالة الخَصْر ويلفته الظهر المحني. لا صراعات خارجية تمنع “برهوم” من السفر بجنون “عَيُّود”، ولا نار تُشعل قلب “عَيُّود” سوى سيجارة “برهوم”. يضحك صباهما كثيرًا وتبكي الشيخوخة أكثر، لا لرحيل الزمن إنّما لسخرية الغدر، فما نفع قلب سُلب منه النبض؟   

 

في المسرح، نتلمّس حدس “عَيُّود” باقتراب ساعة الرحيل، ونتأمّلها تترك قلبها ببراءته وعبثيته يُشبع “برهوم” حبًّا وجنونًا. وبتأكُّد العارف من أنّ لا ظلّ إلّاه باقٍ، ارتشف “برهوم” رحيق “عَيُّود” الأخير، واعدًا شفتيها بقهوة حُلْو طعمها، كقطعة سُكّر يراقبان ذوبانها في فنجان لا يؤرق صفو بُنِّه انفجار أو… تفجير. 

سادةً شربت “عَيُّود” قهوتها منذ ذلك اليوم. خسرت الزوجة الوعد، وربحت الوهم. وهمٌ بشراكة أبدية. بالحب شيَّدا أساساتها، فكيف لأساساتها أن تقع؟  

وقع الغد من يدَي “عَيُّود”، فاستكملت ما تبقّى لها، كما سبق لأمسها أن كان. بطيف “برهوم”، وحنان “برهوم”، وعطفه، وخوفه، ولينه، وحنّيته، ولهفته، وقلبه. بقلب “برهوم”، عاشت “عَيُّود”. وعلى قلبه وضعت قلبها، وفوقه الخِبّيزة التي “حوَّشتها” له. 

 

لم يُكتب لـ”ختيرتهما” أن تكون كتمنّيات “عَيُّود”، غير أن “سينثيا كرم” جعلت من الرغبة واقعًا، وحاكت المستقبل بخيوط الماضي. فأضحكت حبيبها ببراءة المُسِنّة صاحبة القلب الفتي. عاتبته، وبّخته، واحتضنته بحب كبير. وبِكبر حيائه من التعبير، عبّرت تصرّفات “فؤاد يمّين” عن حبّه لزوجته، فركع أرضًا يستبدل طلاء أظافر قدميها القديم بآخر تفنّن بتجديده، بعد أن أعياها غثيان الحَمل يومها.

بدلالة على انصهار الحبيبين في كيان واحد، دارت أحداث المسرحية في حمّامها الزوجي، ودارت معها رغبتهما بحياة هنيّة، تأرجحت فصولها، وإن لم تكتمل، بين المُراد والمُحال.

“غمِّض عين… فتِّح عين”، مسرحية توقظ ذاكرة لبنان على حربه التي من أجل إغلاق بابها، أُغلقت بيوت، ودُمّرت قلوب، وتشرذمت عائلات. وليجد حلم الخائب سبيله إلى الكمال، ما بقي له سوى الاغتراب عن الواقع، سبيلًا للوصول. 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *