لونا قصير: “أخطاء وخطايا”

Views: 197

الأستاذ الدكتور وليد الأيوبي*

المقدمة  

تواجه الثقافة المعرفية في ظل الحضارة السائدة تحديات استراتيجية، أبرزها ما هو متعلق منها بتأثير الذكاء الاصطناعي على الثقافة والمعرفة، ولا سيما على الوعي الثقافي لدى الجيل الشاب، وإننا لا نبالغ بقولنا بأن من شأن هذا التحول أن يشكل خطرا عظيما على  مستقبل الإنسانية إن لم يخضع للضوابط المؤسسية المناسبة.

ففي الوقت الذي يوفر فيه الذكاء الاصطناعي للإنسان كما سرياليا من المعطيات المعرفية، فإنه يحرّضه على الاتكالية والانتهازية والوصولية والرداءة المعرفية، فيعطل وظيفة العقل لديه عن توليد الصور الجميلة والمفيدة له وللمجتمع المعرفي والإنساني ككل. 

ويشكل الأدب رافدا ثقافيا ومعنويا وروحيا حيويا للحضارة، ولا سيما الرواية التي تشكل بدورها من المنظور الحضاري، حاجة مكمّلة للثقافة المعرفية، فهي تغور في أعماق الظاهرة المجتمعية وآفاقها، لتستخرج منها حقائقها الدفينة، متحررة من القيود المنهجية الصارمة التي يتطلبها البحث العلمي، فهي بمثابة استقراء للماضي والحاضر والمستقبل، تسهم من خلاله بفضل أسلوبها العفوي الخاص بها، في توليد الصور الكفيلة بتصويب الواقع وتطويره. 

فالأدب الاجتماعي وغيره من مظاهر الأدب يشكلون جزءا عضويا من تاريخ الأمّة، وإضافة مكملة للتاريخ الرسمي، وأحيانا مصوّبة له عندما يطغى عليه التضليل الأيديولوجي، إذ من الأهمية بمكان مقاربة الواقع “من تحت” لا الاكتفاء بالنظر اليه “من فوق”، وذلك تحقيقا لرغبة الأديب الفرنسي “لافونتان” الدفينة بتحقيق الإنقلاب على مقولته الشهيرة: La raison du plus fort est toujours la meilleure 

فلم يعد الأدب وسيلة إنتاج للأفكار البديعة لذاتها، بقدر ما استحال صرحا توجيهيا يصبو الى نقد الواقع وتوعية القارئ وتطوير مداركه، فالعلاقة بين العلم والثقافة تناضحية، ف “العلم ثاو في بطن الثقافة الأوسع نطاقا، ومشارك في المفاهيم المسبقة، وأنماط الفكر السائدة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فلم يكن بوسع إسحق نيوتن أن يتصور مبادىء النسبية ما لم يكن بوسعه تأليف مقطوعة من موسيقى “الراب، يخبرنا عالم الفيزياء James Trefil في مؤلفه “ما العلم؟”

إن المكتبة العربية والعالمية تزخر بأدباء لا زالت أفكارهم حاضرة في الوعي من أمثال إبن المقفع وجبران خليل جبران ومحمد الماغوط وطه حسين وآميل زولا وجان جاك روسو وفولتير وبودلير وشكسبير وتولستوي وكافكا ودوستويفسكي وتشيخوف وجورج برنارد شو وجورج أورويل ونجيب محفوظ وغيرهم.

تتضمن الرواية إضافة الى البعد الاجتماعي إشارات في العديد من الاتجاهات، نبدأ بدءا ذي بدء بتحديد الاعتبارات التي انطلق منها قارىء الرواية في دراسته لهذه الرواية، يلي ذلك تناول اتجاهات الرواية الثلاثة التي اختارها قارىء الرواية، أي الاتجاه الأدبي والاتجاه النفسي والاتجاه السياسي، ليخلص في نهاية تقييمه الى اقتراح نموذجه السياسي البديل القادر على تحقيق التحول السياسي المنشود.

 

صلب الموضوع

في قراءتي لرواية لونا قصير انطلقت من الاعتبارات الآتية:

  1. الاعتبار الفلسفي: فالخطأ أصل الصواب…والنقص سر الحياة…والكمال الذي يبدو فكرة سريالية ورومنطقية، هو في الواقع فكرة لا يرنو اليها سوى من تشبعت نفسهم بمكارم الأخلاق، أما تطوير الواقع فهو حصيلة نشاط جمعي دؤوب، شرطه سلامة القيم والمبادىء والأهداف والوسائل، وسلامة التخطيط والتنفيذ والتقييم والتصويب. 
  2. الاعتبار السياسي: ويتعلق بالفعالية السياسية، وشرطها اللازم والواجب، المشاركة العمودية والأفقية الفعالة لكل قطاعات الإنتاج المادية والمعنوية والروحية في رفد النظام المجتمعي العام بالطاقة الخلاّقة، وفي طليعتها الثقافة. 
  3. الاعتبار الأكاديمي: ويتعلق بالفائدة الاستراتيجية الكامنة في مقاربة أكاديمية عابرة للاختصاصات، فالتكامل التخصصي يشكل من منظوري ضرورة ماسة لكنه الظواهر المجتمعية، فالدراسة المجهرية التي تأخذ في عين الاعتبار الأبعاد الاستراتيجية للظاهرة المبحوثة، تتكامل مع الدراسة الاستراتيجية التي تأخذ في عين الاعتبار المعطيات المجهرية للظاهرة موضوع البحث.
  4. الاعتبار الشخصي: ويتعلق بعلاقة الاحترام والمحبة والتقدير التي تربطني بشخصيات وطنية نهضوية تنويرية من أمثال كاتبة الرواية السيدة لونا قصير والدكتور سهيل مطر والدكتورة يسرى البيطار ، وراعية الحفل، رائدة النهضة الثقافية الوطنية الأديبة المهندسة الأستاذة ميراي شحادة. 

أما على المستوى الأدبي، فإنأخطاء وخطايا” رواية من واقع الحياة، اجتماعية، إنسانية، درامية، وقد أحسنت الروائية الاستعانة بالخيال على حد اعترافها، فتفعيل وظيفة الخيال أمر يقع في منزلة الروح من الجسد، فالخيال أساس المعرفة، بل إنه يسمو في رأي “ألبرت أينشتاين” على المعرفة نفسها. 

فالرواية حافلة بالصور البهية (بيني وبين إبني قدر: إن دنوت منه جفل وإن ابتعدت سأل؛ لن تنفع النجوم  لمواساتنا، لكننا لو حدقنا بها، سنفهم لماذا امتلآت بها السماء؛ أتفرح الورود عندما تتشكل قطرات الندى على أوراقها؟ لكن هل تساءلنا إن شكلت هذه القطرات ثقلا عليها أم مجرد لحظات قبل سقوط أوراقها الأخيرة؛ كن نسرا شامخا فالفخاخ تحب الطيور الضعيفة؛ كم من مرة كست الثلوج قمم الشوق على وجنتي وترهلنا من شدة الصقيع؛ عقلها في سبات عميق وقلبها كآلة موسيقية بلا لحن؛ التوقف عن الخطأ كالموت؛ أردت أن أكون أحد هذه الفصول لكني ولدت في الفصل الخامس…وما الفصل الخامس والفصول أربعة ؟ إنه أنا…فصل لا وجود له… (ص 139)

فنجاح أي مشروع يكمن في ما يعرف بsavoir-faireknow how والنو-هاو هو هذه الخلطة السحرية، هذا العبق، هذه الصدمة الإيجابية، هذا الاستفزاز الإيجابي، هذه الدهشة، بل هذه النشوة العارمة التي تختلج النفس عند اكتشافها فكرة بديعة ، ما يمنح المنتَج الأدبي فرادة وتفردا. ولست أبالغ بقولي بأن الكاتبة السيدة لونا قصير قد نجحت نجاحا بارعا في صياغة حبكتها الروائية بحيث يتعذر جدا على القارئ الفصل بين الواقع والمتخيّل، وبين الذات والموضوع، مع إقرارها هي بوجود حيز متخيل في الرواية، وعامل واقعي محرّض facteur déclencheur دفعها لكتابة روايتها.  

أما على المستوى النفسي، فقد تضمنت الرواية حدوسا سيكولوجية جديرة بالاهتمام أبرزها قولها: “يظن البعض إن ساعات النوم لا بد منها ليرتاح الجسد من التعبِ، لكنهم لا يدرون أن هذا الوقت ثمين للعقل الباطني ليحلل جولاته المكوكية التي حدثت معه خلال النهار؛ وقولها الأتي أيضا: هل أصيبت مارغريت بالهلوسة نتيجة الأدوية؟ أم نتيجة عدوى مرض “أيوب النفسي”؟ في إشارة ضمنية من الروائية أن الأمراض النفسية تنتقل بالعدوى، وهذا تفسير وجيه لحالة الاكتئاب التي يعانيها المجتمع اللبناني ككل.

لكن الحدس الأدبي على أهميته لا يكفي للتصدي للظاهرة المجتمعية، ففي رأي عالم النفس الشهير Sigmund Freud، فإن الشعراء والفلاسفة قد اكتشفوا ظاهرة اللاوعي قبل أن أكتشفها بنفسي (أي فرويد)، وإن جل ما قمت به – يقول فرويد- هو تأسيس المنهج العلمي لدراسة ظاهرة اللاوعي؛ مع العلم بأن علم النفس قد شهد فتوحات عظيمة تتجاوز بأهميتها مفهوم اللاوعي subconscious mind  لتطال ظاهرة اللاوعي العابر للوعي supra conscious mind 

إن أبرز أوجه الاختلاف بين العلم والثقافة هو قياس الظاهرة quantification  القابلة للقياس والجديرة به، فالعلم يرفض الانطباعية والمواقف والأفكار الارتجالية والعاطفية والوجدانية، ويشدد على دراسة الظواهر دراسة أمبيريقية موضوعية تقوم على أساس التحلّي بثنائية الحياد الأخلاقي والانحياز الى المصلحة العامة.  

وبمعزل عن أوجه الاختلاف العميقة القائمة بين الأدب والعلم، إلا أنهما يشكلان في واقع الحال جزءا عضويا لا يتجزأ من النسق المجتمعي الكلي الذي يتفاعلون في ظله، فالعلم بحاجة الى الثقافة بالمعنى الشامل للكلمة، والثقافة بحاجة الى العلم لتجسيد الحدوس المتمثلة بالصور الخلاّقة التي يصنعها العقل في مشروع عملي يكون في خدمة المجتمع والإنسان. 

أما على المستوى السياسي، فتجدر الإشارة الى أن الظاهرة الاجتماعية جديرة بالدراسة، فالجانب الاجتماعي في حياتنا العامة والخاصة يشغل حيزا مهما جدا، وهو حيّز لا يقل أهمية عن سائر الأحياز المتصله به، وقد يكون أكثرها تأثيرا، مع العلم بأن حدوس الروائية لونا قصير السياسية وغير السياسية جديرة أيضا بالتقدير.

فالرواية مليئة بالإشارات الدالة على حالة التردي التي تعانيها البلاد، فهجرة الشباب تعرّض الشباب أنفسهم الى أخطار كبيرة جرّاء الأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد التي يهاجرون اليها، وأموال عذرا أرواح المودعين مختطفة من قبل مركّب السلطة الغاشم، وشهداء وجرحى جريمة المرفأ ينتظرون العدالة الإلهية، والقيمة الشرائية للمواطن اللبناني في الحضيض، والطبقة الوسطى في خبر كان، وعلى حد تعبيرها، ف “إن البلد على فوهة بركان وألسنة النار تأكل من الصحن اليومي لشعبه”…أما الدولة فإن الثقة بها مفقودة كليا!

في المقابل، فقد وقعت لونا قصير في روايتها في مطب التناقض، فهي من نحو تحذر من مغبة الوقوع في فخ الحزن، لأن الحزن على حد قولها “غدّار يتغلغل في مسام الجلد بهدوء…إنه عدّاء ماهر لا يهمه ربح أو خسارة، يحلو له أن يقتات من وجودنا، ويمضي في طريقه غير آبه بنا…إنه مفتاح كل الأمراض…” ( ص 82). 

ومن نحو آخر، تعبّر لونا قصير عن يأسها من الواقع: “يتفلسفون بلا فائدة وثرثرتهم لن تغيّر من وضع لبنان المأسوي…تحليلات عقيمة وكلام بلا جدوى…المناظرة من بعيد من أسهل الحلول لمن لم تخترق يوما السهام قلبه…لا نستطيع أن نغيّر الأسباب فهي مع مرور الزمن تغييرنا…” (ص 142، 52)

إنها نظرة تشاؤمية تستدعي منا تذكيرها ردا على قولها إن ثورة 17 تشرين 2019 “لم تأت بنتيجة”، بأن الثورة قالت وفعلت، فقد سقط لها شهداء، وأطفأت فيها عيون، واختنقت فيها أنفس كادت أن تسقط صريعة جرّاء التعرّض للغاز القاتل عذرا “المسيّل للدموع”، وكاتب هذه السطور أحدهم، واعتقل منها المئات لفضحها فساد أركان هذه السلطة وزبانيتها البالية. 

أجل لقد زلزلت الثورة الأرض من تحت أقدام مركب السلطة الغاشم وزبانيته، وحاصرتهم في عقر دارهم، وطاردتهم في الشوارع والأزقة، وفي وزاراتهم، وأرّقت عليهم نومهم، ومنعتهم حتى من ارتياد المرافق السياحية، وحرمت بعض وجوههم النافرة من المشاركة في الحكومات، وجعلتهم عرضة للضغط السياسي والمعنوي، وللملاحقة القضائية في العديد من البلدان، وها هي اليوم تعمل بصمت واحترافية بعيدا عن الشعبوية، فتدرس الملفات وتقترح التوصيات وتتخذ الإجراءات..

 

الخلاصة

لونا قصير أديبة ومثقفة تنويرية مرهفة الإحساس، أصيلة القيم، جميلة الروح، جزيلة الأسلوب، وليست مجرّد روائية تنتج كتابا بحثا عن الشهرة، فروايتها التي كتبتها بجوارجها من دون الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، هي أقرب الى الواقع منه الى الخيال، سوى الصور الأدبية البهية التي تتضمنها راويتها، والتي يمكن وضعها في خانة الخيال اللغوي، فلونا قصير ليست روائية رومنطيقية، بقدر ما هي روائية عقلانية تقوم بتصوير الواقع من دون زيادة أو نقصان ساعية بدأب الى تطويره.

لونا قصير أديبة وطنية الهوى والهوية، تحب وطنها لبنان، ومدينتها-الأم طرابلس “عروس الثورة” التي تصدرت الأنباء والتي أصبحت المثل الأعلى في لبنان” على حد تعبيرها. وجوابا على سؤالها المشبّع بالتشاؤم: كيف سيكتب تاريخ لبنان الجديد؟! نُجيبها ومن خلالها كل الشعب اللبناني بأن تاريخ لبنان الجديد سوف يكون مشروع وطن وليس مشروع كنيس أو كنيسة أو جامع أو حسينية أو خلوة أو تكيّة أو خلافه، وليس مشروع دولة إثنية أو قومية أو طائفية أو عرقية أو خلافه، إنه مشروع سياسي إنساني ركيزته حرية الإنسان والأوطان غير القابلة للتقادم أو التجزئة أو المساومة أو المقايضة، ف “إما أن نكون كلنا أحرارا أو لا نكون!”

ولذلك، فإن حركة “ثورة بلا حدود” تقترح في وجه ثالوث التخلف المتمثل بالتوحش السياسي والتوحش الاقتصادي والتوحش الطائفي، النموذج السياسي البديل المتمثل بمثلث النهوض (الطريق الثالث)، وذلك في مؤلف ضخم يرى النور في وقت قريب، نموذج سياسي يقوم دولتيا على مرتكزات السيادة الوطنية والعدالة المجتمعية والثقافة المدنية، ودوليا على أساس اعتماد مقاربة وطنية عابرة للحدود الوطنية، تقوم على أساس التحالف مع القوى المناصرة لحقوق الإنسان على مساحة العالم في وجه سياسات المحاور الدولية التي عاثت في بلاد العالم ظلما وجورا وفسادا، وذلك انطلاقا من الوصايا العشر الآتية: 

  1. إن سياسة تصفير التناقضات وتثمير المشتركات وحدها السياسة العامة الجامعة بين كل اللبنانيين فيما يتعلق بتوجهات الدولة في مجال السياسة الخارجية وعلى مستوى السياسات العامة الداخلية.
  2. إن الرابطة الإنسانية هي بوصلة اللبنانيين في تفاعلهم مع العالم.
  3. إن لبنان ليس رأس حربة لصالح الغرب وليس رأس حربة لصالح الشرق. 
  4. إن لبنان ليس رأس حربة لصالح الشمال وليس رأس حربة لصالح الجنوب. 
  5. إن كل من يعمل على توطيد السلم والأمن والرفاهية في ربوع البلاد هو الصديق.
  6. إن كل من يهدد السلم والأمن والرفاهية في ربوع البلاد هو العدو.
  7. إن لبنان ليس دولة دينية وليس دولة إثنية-طائفية، بل دولة مدنية علمانية سياسية. 
  8. إن الرابطة الوطنية هي القاسم الجامع بين كل اللبنانيين.
  9. إن القيم الجمهورية هي القاسم الجامع بين كل اللبنانيين.
  10. إن العدالة هي عماد الثقة بين اللبنانيين. أما العدالة الاجتماعية، فتتحقق من خلال تعظيم حجم الطبقة الوسطى في الاقتصاد الوطني…وأما العدالة السياسية، فتتحقق من خلال المشاركة العادلة في السلطة بناء على قانون انتخاب برلماني وقانون للأحزاب السياسية عابرين للقيد الطائفي تحقيقا للدمج المدني الوطني المنشود.

وإن غدا لناظره قريب!

***

*أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية

متخصص في علم الدولة وعلم الجيوبوليتيك

الرئيس الأسبق لقسم العلوم السياسية والإدارية (الفرع الثالث)

الأمين العام المؤسس لحركة “ثورة بلا حدود”

*ألقيت في الندوة حول رواية “أخطاء وخطايا” للروائية لونا قصير  في جناح “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” ضمن فعاليات معرض الكتاب السنوي الخمسين-الرابطة الثقافية طرابلس، شارك فيها إلى جانب البروفسور وليد الأيوبي،  د. يسرى البيطار،  د. سهيل مطر، المؤلّفة لونا قصير، أدارتها  المهندسة الشاعرة ميراي شحاده.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *