جهاد الزين ومصباح ديوجين
سليمان بختي
كتب الزميل جهاد الزين في مدونته :”اسال نفسي بعد اكثر من أربعين عاما من المتابعة والتعليق. ما جدوى الكتابة السياسية في الشأن اللبناني وأكاد اقترب من اللحظة الحاسمة التي تجعلني اعتقد ان لا معنى ولا جدوى من الكتابة السياسية عن لبنان باعتبارها مضيعة للوقت والجهد حتى انها توصل إلى عدم احترام النفس امام الكلام المهذار والملل واستحالة النقاش السياسي كنقاش هادف للتقدم. العالم خارج لبنان مليء بما يستحق متابعته والتفكير فيه فلماذا هذا الجهد الضائع والسخيف لبلد مسلوب الإرادة بين المافيات والعمالات”.
هل هي صرخة من القلب والعقل من صحافي محترم في لبنان حاول دائما ان يرتقي بالعبارة السياسية نحو الدقة والحذر والمصير. لم يكتب جهاد الزين في السياسة اللبنانية او في قلبها او حولها بل كتب بالثقافة السياسية في بلادنا ببعدها الإنساني والحضاري الراقي لمفهوم السياسة. كلام جهاد الزين اليوم استئذان بالانصراف سأما من كل هذه التفاهة المفرطة. كان ديغول يقول عن وزيره مالرو إنه يخلصني من تفاهة السياسة والسياسيين.
كأننا يا جهاد وصلنا إلى ما كنا نتفاداه او نجمله او نرش بعض الطيب عليه حتى لا يفسد ولكنه فسد. أتذكر ما كان يقوله غسان كنفاني “الوطن ان لا يحدث كل هذا” ولكنه حدث. وها نحن نقف الى الحائط شبه. لقد حولوا السياسة في بلادنا الى شغل عصابات ومافيات ومحاصصات دنيئة. حتى التاريخ صار حصة من فيه. ولكن رغم كل ذلك هل يمكن ان لا تشهد على هذا الخراب ولو بكلمة من قلمك ولو باضعف الايمان. اذكر مرة اني قلت لك انني اخاف ان أختم مقالي بما يجلب الياس. فقلت :” انا شفيت من هذا المرض”. دعني اسألك ماذا لديك بعد لتقوله ولم تقله. ولكن هل تترك قلمك يتدحرج على الورقة ولا ترفعه مثل مصباح ديوجين بوجه كل الذين اوصلونا الى هذه الهاوية.
اكتب اغرز قلمك في عين مخرزهم. يكفي أن يكون هناك شخص حر لتنجو المملكة. شخص واحد يقول للملك انك عارٍ بلا ثياب ولا مبادئ ولا أخلاق ولا وطنية. وربما مع حركة الفراشة والقلم سيتغير الحال وتسطع الحقيقة.