“حدّ القناطر”
د. جان توما
ماذا لو عادَتْ ” الست منّة قنيزح” (١٩٠٦-١٩٨٦) إلى “خوجايتها” وبيتِها العتيقِ خلفَ هذه القنطرة؟ ماذا لو عادَتْ عجقةُ الأولادِ إلى حديقةِ بيتِها وراء هذه الحنية الحجريّة الناطقة المباركة؟
ماذا لو نَطَقَتْ هذه الحجارةُ بما عاينَتْ ورأَتْ من شيطنةِ الأولادِ وكرجاتِ دواليبِ درّاجاتِ الأطفالِ الهوائيّة؟ شو ” ضحكِتْ عليّ الحيطان، صُوَرْنا من زمان”. هل وجدَ العاملُ لما أعادَ ترميمَ هذه الحجارةِ بين شقوقِها أسماءَ الولدنةِ وأحلامَ كثيرينَ مرّوا من هنا، ومضوا؟
يا الزمانُ الذي رسمَ على هذا الدربِ “العفريتة”، ولَعِبَ ب” المنكيرة”، و”الطمّيش” و”اللاقوط” وغيرها: كيف مرَّ العمرُ سريعًا من دون انتباه؟ كيف مرَّتْ من هنا الوجوهُ الأليفةُ، وبقيتَ أنتَ دربًا على درب؟
إنَّ كلَّ من سيجلسُ تحتَ هذه القنطرةِ سيذكرُ سبيلَ الماءِ الذي كان ” على المفرق”، حيث يشتهي اليومَ غسلَ وجهِهِ بماءِ الزمنِ الجميلِ، وكلُّ زمنٍ لأهلِه ِجميل، ألّا أنّ صدى ما مضى باقٍ في البال والخاطر، كما في استعادةِ ألقِ هذه القنطرةِ، واستذكارِ إيقاعِ خطواتِ العابرينَ هنا. “بَعدَك يا عُمر فايق عليّ، نبقى نقعد بالقناطر وقت الشتويّة، فايق عليّ”؟!
***
*الصورة من مفرق في مدينة الميناء- طرابلس