رحيل الأديبة نور سلمان المتعددة العطاءات
سليمان بختي
غيب الموت في بيروت الدكتورة الأديبة نور سلمان ( 1937_2024).
تركت اوراقها على الطاولة تتلمس الصؤ الناحل وغادرت.
احبت الأدب وتخصصت فيه وكثيرا ما سمعتها تردد ان الأدب هو تفوق التعبير ليس الا.
أعطت الدكتورة نور سلمان في مجال الأدب والأكاديمية والعمل الاجتماعي .
والدتها زاهية سلمان الرائدة في العمل الاجتماعي والوطني وخصوصا حقول المرأة والطفولة والأسرة. ووالدها داوود سلمان الطبيب المناضل ومن مؤسسي الحركة الوطنية في لبنان.
درست في مدارس الشويفات وانهت فيها دراستها الثانوية.
حازت بكالوريوس التربية والأدب العربي والعلوم الاجتماعية في الجامعة الأميركية في بيروت 1957.
ونالت الماجستير عام 1959 وموضوعها “الحركة الرمزية في أوروبا والتعبير عن الشعر الصوفي”.
حازت دكتوراه دولة في الأدب العربي والأدب المقارن بدرجة الشرف من الجامعة اليسوعية 1976.
تراست قسم الاداب والعلوم الانسانية في كلية التربية. واشرفت على رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعة اللبنانية وبصفة استشارية في الجامعة اليسوعية.
انضمت إلى حلقة الثريا التي أسسها شوقي ابي شقرا وادمون رزق وجورج غانم.

كما حررت زوايا ونشرت مقالات في الصحف والدوريات اللبنانية والعربية. وكتبت في ملحق النهار والأنوار ومجلات ادب والحكمة وحوار بالأسبوع العربي ودنيا المرأة والحسناء.
وشاركت في العديد من الندوات الادبية والإذاعية والتلفزيونية وحاضرت في مؤتمرات في لبنان والخارج.
ترأست جمعية الطفل اللبناني والهيئة الوطنية للطفل وكانت أول من نعاها.
تزوجت نور سلمان من الصحافي المصري القدير علي امين لفترة ثم انفصلا.
سألتها غير مرة لماذا لم تكتب عن هذه التجربة؟ فقالت:” هذه تجربة تعاش ولا تكتب”.
نالت وسام الأرز الوطني تقديرا لعطائها في مجالات الأدب والأكاديمية والثقافة والتربية والخدمة الاجتماعية. كما نالت جائزة جبران العالمية 2008 من استراليا. وكرمتها المكتبة الوطنية الجزائرية 2007 على كتابها ” أدب الثورة الجزائرية…”
صدر لها العديد من المؤلفات نذكر منها:”فضحكت” 1961″، ويبقى البحر والسماء” 1980، “الى رجل لم يأت” 1986″،العين الحمراء” قصص 1991، “فجر للغضب” قصص قصيرة ووجدانيات، “انثر انشودتي فوق الخيمة” 2004، “رغم كل هذا” 2007 (نلسن) و”الهجرة الى الورق” 2009 (نلسن )”ولكن” 2016 (نلسن) وكان اخر كتبها.
كتبت في الدراسات والأبحاث: “جبران الأديب المعلم في كتاب النبي” 1983، “الأدب الجزائري في رحاب الرفض والتحرير” بالفرنسية والعربية 1993، “التعبير عن الشعر الصوفي بين المعنى الظاهر والمعنى الباطن”1981، “مدخل إلى دراسة الشعر الرمزي في الأدب الحديث” 1981، “اللغات السامية واللغة العربية” 1982، “الموشحات الأندلسية” 1997، “دليل الكاتبات اللبنانيات” بالتعاون مع د. فهمية شرف الدين.
كانت لديها صداقات مع كبار الشعراء في لبنان والعالم العربي. اخبرتني غير مرة ان الشاعر سعيد عقل اتصل بها عندما انتحرت زوجته آمال يقول: “دخيلك يا نور شو بدي اعمل”.
تعاملت مع نور سلمان كناشر في ثلاثة كتب وكانت كل مرة تسلمني المخطوطة بأصابع ترتجف وعلى وجهها علامات الخوف والمعايشة. وعندما اسلمها الكتاب في نسخته الاولى من المطبعة كنت ألمح دمعًا يموج في الاحداق.
جريئة نور سلمان بصدق وانفعال وقلب طيب. ظلت تؤمن ان لا شيء يزحزح هذا الممكن الشحيح في الواقع الشحيح الا بطولة الإبداع.
كتب عنها الدكتور سامي مكارم ” في نصها يتحقق الحب في اطلالة من الجمال ووحدة بين الحقيقة ومظهرها وبين الروح والجسد وبين المعنى والعبارة”. وكتب محمود شريح :”في قصيدة نور سلمان زمرد وياقوت. هي دارسة الفلسفة في بيروت والقاهرة وداعية إصلاح ومنارة حرية على مدى نصف قرن من الكتابة”.
عانت في سنواتها الاخيرة من الوحدة والعزلة وتحسس أوجاع الناس في الظروف الصعبة. ك
انت نور سلمان قريبة من شقيقها الدكتور صلاح الوزير السابق والذي توفى في حزيران الماضي. اذكر يومها انني اقتربت لتقديم واجب العزاء ولكنها طلبت من مساعدتها ان تذكر لها الاسم. عانقتني دامعة وهي تقول “الله يكون معك… الله يكون معك”.
كل الرحمة لروحها الكبيرة وكل الاعتزاز بعطاءاتها التي ستعيش طويلا.
نعم للحب*
سقط سقف البيت
سقط الرجل في جيوبه
سقطت امراة الشوق تحت جسدها
سقط الطفل في وحول الكبار
سقطت الجماعة في مهاوي الخديعة
وما زالت الشمس تشرق النهار
وما زالت النجوم ترصع سماء الليل
وانت ما زلت تقول
نعم. . نعم
للحب
***
*من كتاب “رغم كل هذا..”