سجلوا عندكم

زهر طرابلس وشالها الأحمر

Views: 148

د. جان توما

موسم اللون الأحمر في زمن الأبيض البارد أطلقته السيّدة ياسمين غمراوي زيادة، فغمرت الأرصفة والمستديرات بجماليات دافئة لتؤكّد قدرة العمل الأهليّ على القيام بمبادرات لكتابة كلمة حبّ ووفاء لمدينة لا تزهر إلّا الودّ، ولا تثمر إلّا الخير، ومن هنا جاء اسم جمعيتها ” للخير إنت وأنا”، وشرحًا: لطرابلس إنت وأنا، ودِلالة : حضور الآخر معي هو شهادة لطرابلس الحضاريًة، وهو تأطير لفرادة تاريخها العريق.

ما عدت تسأل من يقوم بهذه الحركة التجميليّة الرائدة في مدينة التاريخ، فطرابلس في موسم الهواء الشرقيّ”  قارورة طيب”، كما قال نزار قباني:” ومن ذا الذي يرفض السكنى في قارورة طيب”؟…وأوضح حينها عند زيارته منذ ٧٥ سنة: “استقبلتني رائحة زهرات النارنج والليمون، عند مشارف مدينتكم ،ملأت صدري وملأت ثيابي”.

 

اليوم، يا نزار، تدخل طرابلس، بهمّة الياسمين وجمعيتها،  “على أجفان زهرة، وتطير على بساط زهرة…ولن تشعر بالحزن إذ ستفرح بمناديل تلوّح للقادمين من على أرصفة المدينة ومستديراتها بألوف القناديل البيضاء والحمراء، وبألوف القصائد….ستسمع سمفونية النارنج والليمون التي يعزفها كلّ رصيف عند مدخلها الجنوبيّ، وكلّ شجرة في المدينة المالحة إلى حدّ العذوبة.

رفع ” الدومريّ” مصابيح المدينة، أضاء شموع العيد، تناقلت القناديل حكايات النهر والبحر. لم ينم الحكواتيّ إبّان تلك الليلة، كان موّاله يصدح في الحارات العتيقة، يلوّح للصيادين الخارجين ليلًا إلى رزقهم، فيما يخرج أبناء الفيحاء إلى مدينتهم، يستعيدون ما فاتها، مدركين أنّ المدن تخرج إلى الخارطة بهويّتها وانتمائها لتترسّخ في مسعى أبنائها المحبّين مدينة تستحق الحياة ولها ستكون، بهمّة العاملين الصادقين، إن كان المكتوب يقرأ من عنوانه، فعسى أن يقرأ زائر طرابلس عنوانها من مدخلها الجنوبيّ المميّز.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *