ليس لي نصير غيرك
وفيق غريزي
إلهي ليس لي غيرك نصير
من ظلم الناس.. والدرب المضل
افتح لي الباب الأخير
دعني ادخل جنانك
تاركا خلفي بؤسي وظلي
في المساء رأيت العشائر راحلة
لم الحق بالسائرين
سرت وحيدا في البراري القاحلة
وحين حطت الرحال القافلة
هدّني الجوع والأسى
وبنار العذاب قلبي اكتوى.
***
الحزن يعصرني..
يهزأ مني الفرح الكذوب
يغتال احلامي..
يقطع اوتار أنغامي
يطفئ أنواري الغروب
اموت شوقا..
ببحرك ربي اذوب
كل الأحبة غادروا
يطويني اغتراب
حنيني يحترق بنيران العتاب
هبني أجنحة احلق بها فوق السحاب
فوق الصحارى والغابات
وفوق امواج البحور…
لا حدود لها.. تزبد.. تغور
رؤايَ تقلبها أيد كأنها مشعال نور
مر بي لأطلق اللحن على وقع القصيد
خيّم على أعماقي صمت بليد
انتظر فجرا جديدا
يذيب عن قلبي الجليد
ويلقي على كينونتي ظلا.
***
هصرتني بكل عنف هزات اليقين
وخبا وهج الحنين
لم يعد صوتي يلفظ إلا الأنين
أُلمْلِم ما تبقى لعمري من السنين
أتوّج بها رأس حياتي
في عالم يغرق في اليأس والظلمات
الألم يجري في كياني
في عتمة الديجور غريق
العالم يملأني يأسا
وفي الروح اثار الحريق…
***
عصرني الشقاء..
لم يبق معنى لبقائي
قد تخطيت الحدود
كل ما أراه عدما
يشعّ ويخبو كالبروق
لم يعد بيني وبين الموت
سوى خيط العنكبوت
انهارت بيننا كل السدود
اغلقت نافذتي التي تطل
على الكون الكبير
أنفس الناس تحيا في خطاياها الأثيمة
والوجوه مرعبة دميمة
عند اعتاب الطغاة
يبكي أطفال جياع وعراة
انهم مرضى.. حيارى.. وضعاف
تنهش لحمهم انياب الضباع.
***
يحفرون قبورا في جوف التراب
أو في الضباب
في الخريف أو في الشتاء
وفي قلب الليل مخيف
تحت السديم يحفرون
وهم في الثرى ميتون
من يملأ الكأس من دموعه الخرساء
أو من كل العيون
ليس له مأوى في واد سحيق
ضائعا يعرفه المعذبون في صمت عميق
من شرّع للبؤس أقبية القهر
وزرع في تربة النفس بذور الارتياب
الليل مرآة رأيت فيها وجه حقدي
الأمس مات..
أضعت قبري..
أغتيل نهاري في فجري وكأسي
أشيّع مغدورا إلى الرمس
أدركت الحقيقة ولون بؤسي
في وجهي
لم اقتل سوى نفسي.
***
رحماك يا قدري، ماذا رأيت مني؟
ماذا جنيت لتعصر عمري وأحلامي وظنّي؟
أبدا، تطلق سهامك صوب صدري وفنّي
دثّرت ايامي بأثواب الحداد
ووشاح حزني
عجزت عن إدراك كنه الوجود
يستحيل عليَّ حل الغاز الكيان
سفينتي تمخر أليم بلا ربان
تتوه والليل داج يلفه صمت مريب
من أين اتينا؟ إلى اين نمضي؟
تتقاذفنا العواصف
لا مكان لنا كي نستقر ……
