أنامِل
سلمان زين الدين
*إلى وئام جورج حدّاد ورفاقه
(1)
تِلْكَ الأنامِلُ،
يا رَعاها الله
أجْنِحَةٌ تُحَرِّرُنا مِنَ
الجَسَدِ الّذي يَفْنى،
فَنُدْرِكُ مُتْعَةَ التَّحْليقِ
فَوْقَ مَقاصِدِ المَعْنى.
وَحينَ تُراوِدُ الغيتارَ
عَنْ أسْرارِ فِتْنَتِهِ،
يَبوحُ بِما يُكِنُّ مِنَ الجَوى
المَكْنونِ في أوْتارِهِ الحُسْنى.
وَحينَ تَمَسُّ في شَغَف،
مَفاتيحَ البِيانو، تَفْتَحُ الدُّنيا
عَلى ما يُدْهِشُ الكَوْنا.
(2)
تِلْكَ الأنامِلُ،
يا رَعاها اللهُ،
أشْرِعَةٌ تُرَوِّضُ المَدَّ العَنيدَ،
وَتَمْتَطي الرّيحَ الجَموحَ،
فَيَسْتَعيدُ البَحْرُ شَيْئًا منْ سَكينَتِهِ،
وَيَعْرِفُ نِعْمَةَ السُّكْنى.
وَأَحْصِنَةٌ تَخوضُ الغَمْرَ
صائِلَةً وَجائِلَةً،
فَيَغْدو الغَمْرُ مَيْدانًا،
وَتُمْسي فُسْحَةُ المَيْدانَ
دانِيَةَ القُطوفِ،
وَيَسْتَعيدُ البَرُّ شَيْئًا منْ بَراءَتِهِ
وَيُصْبِحُ ما قَصا أدْنى.
(3)
تِلْكَ الأنامِلُ،
يا رَعاها اللهُ،
تُتْقِنُ حِرْفَةَ التَّنْقيبِ
عَمّا يَخْتَفي تَحْتَ المَفاتيحِ
الَّتي تَحْنو عَلى أبْوابِها،
وَتُداعِبُ الأوْتارَ كَيْ
تَسْتَخْرِجَ المَطْمورَ تَحْتَ تُرابِها،
حَتّى إذا ما شَرَّعَتْ
تِلْكَ المَفاتيحُ المَدى،
وَاسْتَيْقَظَتْ منْ نَوْمِها الأوْتارُ،
يَنْتَحِرُ الرَّدى.
وَيَكونُ ثَمَّةَ مِهْرَجانٌ
تَسْتَحِمُّ الرُّوْحُ في أضْوائِهِ الأسْنى.
***
*مستوحاة من أمسية موسيقية في الجامعة الأميركية
الخميس، في 15/ 5/ 2025