سجلوا عندكم

“AlephLam” واحةٌ فكريّة نتفيّأ ظِلالَهَا الوَارفة ونَنعَمُ بعِطرِهَا الرَّطِيب

Views: 894

 السّفير د. محمّد م. خطّابي *

الأديب الأريب والإعلاميّ اللبيب ، جورج طرابلسي، والأديبة الرّقيقة، والإعلامية الأنيقة كلود أبو شقرا أطلاّ علينا فى الأيّام الأخيرة بهامتهما الرّفيعة، وقامتهما البديعة بمجلّةٍ شاملةٍ بامتياز، تُعنى بشؤون الفكر، والثقافة، وتنشرُ ضياءَها السّاطعة على قضايا سياسية، واجتماعية، وعلمية، وتربوية، وترصد لنا  مُستجدّاتٍ فى مختلف الأنشطة والأحداث التي يعرفهما لبنان والوطن العربيّ، وسائر أنحاء العالم،. وهي “مجلّة” إلكترونية أثيريّة تواكب العصرَ التطوّر الرّقميّ الهائل الذي وصفه عن جدارة واستحقاق الدكتور جان توما فى مقال رائع عن هذه البادرة الصّحافيّة الرّائدة فقال: “كأنّنا نتخلىَّ عن ” الكشّة” في دنيا الغربة إلى سيارة دفع رباعيّة تجري على شاشة ملوّنة آسرة ،ليتنا بقينا نشربُ قهوتنا على مصطبةٍ حجريّة بدل التربّع على مقاعد وثيرة، وليتنا استظلّينا داليةَ البيت العتيق ولم ننحشر تحت ” رفراف” باطوني لا يُسمن عن رحيل ولا يغني عن سفر”.

عالمنا المعاصر أمسى يقذف إلينا كلّ يوم بالجديد المفاجئ فى عوالم التكنولوجيا والإعلاميات ،بتنسيق بديع مع شبكات التواصل الإجتماعي التي أصبحت تملأ حياتنا من لحظة فتح أعيننا فى بلج الصّباح إلى أن نغلقهما فى جنح الليل أوفى هزيعه الأخير.. وسط هذا الخِضمّ الهائل جاءت هذه “المجلّة”  لتشكّل صلة وصل بين الكتّاب والقرّاء وترفع جسراً من حروف للتواصل،والتعامل، والتبادل بين أقلام المُفكرين ، والمُثقفين، والمُبدعين من الأدباء، والشّعراء،والفنانين، والسياسييّن،والعلماء، والتربوييّن، من المهجرييّن،والمغتربين، أوالمقيمين المستقرّين فى وطنهم الأم، إنها قفزة نوعيّة ، وطفرة جريئة، ووثبة مميّزة من معاقل “أنوار” الصيّاد العريقة إلى  حصون “أنوار الثقافة” المشعّة والفكر الرّصين.. إلى ” ألف-لام” “Aleph-Lam ” المبنر الثقافي الرّفيع المستوى، كمنارة أدبية ساطعة ، وواحة فكرية شاملة نتفيّأ ظلالها الوارفة، ومن أغصانها الفيحاء نستنشق عطرَ الشرق السّاحر، وروعة الغرب الآسر، إنّها دوحة معرفية تحنو على قرّائها ، وقارئاتها حنوّ المُرضعات على الفطيم، تصدّ الشمسَ عنهم أنّىَ واجهتهم، فتحجبها وتأذن للنّسيم ، تقيهم لفحات الرّمضاء التي أصبحت تلهبُ حياتنا اليوم،وتشفي غليلهم من ظمأ ،وعطش، وصَدىً، وأُوّام، وهُيام المتيّمين، الوالهين ،الهائمين هوىً، وصبابةً، وجوىً، ووجداً ،وعشقاً بالحرف العربيّ النابض، وبالكلمة الصّادقة العذبة، والأدب الرّصين ،والفكر الحرّ الخلاّق.

يؤكّد لنا المؤسّسان لهذه المجلّة الواعدة والرّائدة والمُتجدّدة أنها بوّابة إلكترونية تتوق إلى رحاب العالمية، شعارُها الحقّ، وهدفها الخير، ومرادها الجمال، وهي تسعى لتأسيس صرح ثقافي يحتضن الأقلامَ التي تؤمن بالكلمة الشّعلة، والحرف النور فى مشارق الأرض ومغاربها.

تتميّز هذه المجلّة بسحر غريب، منذ ظهورها ، إننا عند زيارتنا الأولى لها لا نستطيع منها فكاكاً ، يكاد أن يتوازى وَلَعُنا بها مع احتسائنا لقهوة الصباح  الفوّاحة عند غسق الدُجىَ النّاصع، ومع تناول شاي الظهيرة اللذيذ ، أومع كأس الطلىَ المُعتّق،أومع رشفة الماء العذب الزّلال فى لفحة الصّيف القائظ ،وهبوب صَبَا النسّيم العبق العليل عند الشّفق اللاّزورديّ الأرجوانيّ الأصيل…وهي بغِنىَ وَجديّة مضامينها، وبثرَاء مواضيعها وتنوّعها ،وبتباين حقولها الخصبة ،وبتعدّد مشاربها وينابيعها تجعل بيننا وبين الرتابة والملل برزخاً عميقاً واسعاً، ويمّاً غائراً شاسعاً ، وتجعل بيننا وبين الإستغوار، والإستكناه، والإستبطان، والإنغماس والإستمتاع بروائع الآداب والشّعر والإبداع الجميل، والإغتراف من بحور المعارف، والعلوم ،والعرفان،آصرةً  وثقى هي قابَ قوسين منّا أو أدنى.

مجلّة ( ألف- لام)  الزّاهرة منبرالكتّاب والمثقفين المُجدّدين، فى مختلف أنحاء المعمور، إنها قبلة الباحثين المستنيرين، ومنبرالأدباء والمفكّرين، وهي أسواق عُكاظ، ومَجنّة، وذي المجاز، وهي جبل عبقر ،ومُلتقى الشّعراء والمُبدعين من كلّ صَوْبٍ وحَدب،وهي معرض دائم لأعمال ولوحات الفنّانين التشكيليين ، ومنهلٌ لذخائر التراث العربي والإنساني العالميّ الزّاخر. وإسمها ” ألف – لام” وهي من الحروف التي يستفتح الله بها كلامَه ،لذا فعنوانها  بليغ، واسمها جميل يدلّ علي سموّ وعُمق رسالتها التنويرية الشمولية السّامية،ومراميها الشّريفة،وأهدافها النبيلة ، فهي إسم على مُسمّى كما يُقال، سَلِمَتْ بها ومعها ولأجلها أيدي القائمين عليها ،والرّاعين لها، والعاملين بها،إنها ما فتئت تُبهرنا منذ تأسيسها فى الأيام القليلة الأخيرة فى بيروت الفيحاء بفيض مواضيعها الغامرٍة ،الوافرة بالعطاء الثرّ، والمتابعة الحثيثة، والمسايرة الدقيقة، والمثابرة التي لا تكلّ، والحالة هذه نرجو لها عمراً مديداً، إننا ما فتئنا ننتظر،ونترقّب منها الكثير من سعة المعارف، وتنوّع العرفان فى مختلف حقول الإبداع والإشعاع والإمتاع بفضل همّة صفوة من خيرة الأصدقاء من المبدعين والمبدعات من فرسان وفارسات اليراع ، ونخبة ممتازة من المثقفين، والمثقفات الذين واللاّئي يُسهمون ويُسهمنَ فيها بلا هوادة ، ويبذلون ويبذلنَ جهوداً مضنية ليخرج علينا هذا المنبر الثقافي الأغرّ ،وهذا المولود اليافع الأبرّ فى حلّةٍ قشيبة،وهندام أنيق ،والذي أصبحت أضواؤه السّاطعات تنير ربوع مرتع نبعه الأوّل لبنان الجميل، وسائر أصقاع عالمنا العربي وغير العربي المترامي الأطراف ..هذا المولود  سرعان ما طفق يشبُّ عن الطّوق ،وها قد أصبح قويّ العُود،وهو لمّا يزلْ فى شرخ شبابه النضر، وريعان عمره الفتيّ. فهنيئاً للصّديق الأثير الأستاذ جورج طرابلسي، وللصّديقة الرّائعة الأستاذة كلود أبو شقرا وهما الرّاعيان ، والسّاهران المثابران الحثيثان لتحقيق المزيد من النجاحات وضمان الذيوع والإنتشار لهذا المولود الثقافي والمعرفيّ الذي أصبح يتبوّأ مكانته المرموقة،ومنزلته اللاّئقة فى لبنان وفى الساحة العربية الشاسعة 

تحيّة حرّى لكما أيّها العزيزان من القلب  عن هذه البادرة الفتية ،وعن هذا المنبر الإعلامي الرّصين  الذي نرجو له مواصلة العطاء ، والخلق والإبداع والمثابرة. وشكراً لكما وللعديد من الكتّاب، والمثقفين، والنقّاد، والشعراء الذين تسابقوا للكتابة في هذا المنبر التنويري حيث كان حبّ الكلمة الحرّة الهادفة الملتزمة الطليقة  فيه ديدنهم.. لكما ولكلّ الطاقم المتفاني فى العمل معكما أو إلى جانبكما، ولكلّ هؤلاء الذين كانوا وراء ظهوره، واستمراره ألف تحية ومودة. لقد عقدتُ العزمَ على مواصلة الكتابة فى هذه المجلّة الغرّاء إلى جانب العديد من مثقفينا الأفذاذ الذين  لن يتوانوا، ولن يتأخّرُوا فى دعم الرّسالة الإعلامية والثقافية التي أنشئت من أجلها ، والتعريف بذخائر ومآثر ثقافتنا العربية الأصيلة التي طالما أنارت دياجي الظلام فى أروبّا وفى العالم لأجيال طويلة، وقرون عديدة .

إعجابنا يتزايد يوماً بعد يوم بهذه النافذة الثقافية المُشرعة التي نطلّ من على شرفاتها الوردية الفسيحة على كلّ بديع رائع فى عالم الخلق والعطاء، قرّاءً، وكتّاباً، وشعراء، وفنّانين ،ومبدعين،  وعلى حدائق غنّاء ،وبساتين باسقة تزدان بباقاتٍ ملوّنة تتألق،وتتأنّق، وتينع وتزدهي فيها كلّ صنوف الأزهار النّضرة، والورود الناعمة، وتزيّنها مزهريّاتُ أغصانٍ وأفنانٍ من الفلّ، والقرنفل، والياسمين والرّياحين، فى أناقة، ورقّة، ورَونق بديع .

(تحريراً فى مدريد الفيحاء بتاريخ 14 يونيو 2019)

*****

(*) كاتب،وباحث، ومترجم من المغرب،عضو الأكاديمية الإسبانية-الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوتا- كولومبيا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *