من خواطر الحجر: ليت البشر كالشجر!
د. يوسف عيد
بعد أن لبس شجر الليمون والمشمش واللوز حلله البيضاء ومضى في رحلته الى الثمار،وبدأت ألوان الازاهير تتراقص وتتزاحم وتتنافس في حديقتي، حجري، سمعت شجرة الجوز التي أدلف تحتها مرارا،تقول لي: تتفيّأني، تتقهّاني، وتثرثر تحت أغصاني ولا تعيرني انتباها لأن لا زهرة لي، أهذا عدل ؟
خجلت منها خجول من ارتكب ذنبا لا معرفة بضرره. رفعت عينيَّ نحوها،فشدّني أنها راحت تستر عري أغصانها بوريقات عميقة الخضرة ، وشباشيل على هيئة عناقيد تتدلّى ، فذهلت للرؤية إذ إن الجوز لا يزهر بل يعنقد، وهو على خلاف الشجر يشبه العريش في مسيرته الفصلية ، فاعتذرت وسجدت أستغفرها نزقي وطيش عقلي ،وأدركت سرّ الاختلاف بين الشجر من دون الخلاف على الثمر ،وأن لكلّ حكاياته في الحياة ، وموقعه .فهلاّ فهمنا ،بعد هذا المطهر ، عدل الشجر كيف يكون درسا للبشر؟ هلاّ نأخذ العبر من هذا الحجر ونلق عنّا الخمير العتيق ،خمير الحسد والشك والظن ، والسوء،ليكون لنا فطير جديد بالخلاص والحق والعدل حيث الطبيعة خير مثال في هذا التبدّل الخلاصي!؟