سجلوا عندكم

نفَسٌ تجريديّ! (قراءة في كتاب “أحلام موجوعة” لِـ باسلة زعيتر)

Views: 825

د. عماد يونس فغالي

تظنّ نفسكَ تفتحُ كتابًا تقع فيه على مجموعة أقاصيص تخبرُكَ عالم الكاتبة. في ناحيةٍ، يبدو الظنّ صحيحًا. لكن يلزمكَ غَورٌ في بحار نفسها لتعرف أنّكَ في انكشاف.

باسلة زعيتر جمعت نفسَها ونقلَتها شفيفًا في مؤلّف، عارضتَها أحلامًا موجوعة. مجموعة قصصيّة، صحيح، لكنّها، في التزامها النمط السرديّ القائمة أسسُه في السياق، تبسط أحلامها في نصٍّ تأمّليٍّ غالبٍ على رؤياها العامّة. أخالُه سردٌ تجريديّ لحالةٍ نفسيّة محدّدة منذ العنوان: “أحلام موجوعة”. في كلّ قصّة، جرعةُ وجعٍ تختلف وفق المضمون. هنا الحالةُ كلّها الوجع، هناكَ تداعيات الحدث واجعة، في غيرها، فعلُ الرحيل.

لفتتني صيغةُ الغائبة في معظم الأقاصيص. غالبٌ ضمير “هي”. ليس إلاّ استبدالَ “أنا” الكاتبة التي تُخرج من داخلها كلَّ واقعٍ وشعور، وتقدّمه في طبقٍ أدبيّ، يلذّ لكَ التعمّق في جمالاته.

هو الجوّ القاتم يسودُ المتنَ كلّه. هو “أحلامٌ موجوعة”، يردّد مع ألفرد دو موسّيه، كم المعاناة معلّمة الإنسان، أمثولتها معرفته الحياة ونفسه. يبقى استشراف الجمال من فيض النقاء في داخله.

حلاوةٌ عصرتها باسلة زعيتر خمرةً عتّقتها التجارب، فأسكرتْ خبرةً قلّ معاقروها!!!

“أحلام موجوعة” قصّة قصيرة من حالاتٍ إنسانيّة، تعرضُ لأحداث نفسٍ مع الحياة، مرّها. انعتاقها عبرَ اليراع، جاء بدعةً أدبيّة تعرّف بصاحبتها عازفةً على وتر الجمال، ألحانًا تُطربُ نفوسًا شقيقة، تلوّن رماديّةَ اللوحة بألوانٍ تزهو إبداعًا راقيًا…

شكرًا باسلة زعيتر، شكرًا لوجعٍ في إحلامكِ يتحقّقُ كلمةً تُنعشُ فكرًا وتُعلي مشاعر!!!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *