إلى معالي النقيب رشيد درباس
د. جان توما
قدَّمتَ طلب استئناف في ناقوس ” أحدك” لجرعة أمل جديدة، بناء على طلبات استرحام من محبين. لكأنّي أحببت ثورتك أكثر، وإطلالتك بانتصار انكسارك فيما سبق.
لعلّك حين توجّهت إلى” أولادك” بما فات ليصير في رجاء الآتي، أودعت قلوب أبنائنا الغد الذي فشلنا في صنعه، وسينجحون، حتمًا، في تحقيقه.
خلّيك على الانكسار الثوري ليشتدّ الوتر في سفر السّهم إلى هدفه المرتجى مشرقًا وواعدًا، ولو أنشدنا مع المتنبي في أحوالنا: ” فصرتُ إذا أصابتني سهامٌ/ تكسّرت النصال على النصال”.
ذهبتَ إلى كلام التعزيّة ونحن بحاجة إلى اللهب، ذاك اللهب الذي أحرقنا في نضالاتنا، وعمّدنا بمعمودية نار. كيف ننقل هذا التراث إلى أولادنا أمام عولمة عملاقة استباحت الحدود فطغت وبغت، واكبّرت وتجبّرت حتى صار انتشار الوباء على مستوى الأرض كما انتشار الشبكة العنكبوتية يمتلكنا ولا نمتلك أسراره وأغواره؟ .
صحيح أنّ بعد كلّ حصار تنبري كوّة انتصار، لكن الصحيح أيضًا أن صراع المدن التراثية حاضر في كل عصر، إذا كانت جيوشها تقاتل خارج أسوارها كي لا يدمر العمران، كما يفعل الوباء اليوم، إذ ينازلنا في ساحات العمل، ويلزمنا بحصار في بيوتنا بانتظار الرابح، ولن يربح، ليرث الأسوار، ولعلّك من المالحين العارفين- والمراقب من نافذة مكتبك- أنّ البحر بموجه يستردّ ما قضمته مطامع العمران البشري ودفنته من شاطئه.
ابقَ عازفًا على نبضِ الثورة والتغيير ولا تعزف عنهما لحظة. هذا النبض هو بوصلة الآتي وهو ما بقي لنا لنورثه لأبنائنا خيرًا وقد أورثناهم جملة من القضايا عجزنا عن حلّها، لعلّهم يعثرون بعد حصار “ على ينبوع ماء” فيما نمضي لنصير ” أصدقاء السماء”.