زمن الحقد
خليل الخوري
طوال سنوات الحروب اللبنانية التي بدأت بحرب السنتين وفرّخت معارك وتناسَلَت حروباً، كان اللبنانيون المنتشرون في مختلف أنحاء العالم معنيين بما يجري في بلدهم ويتابعونه عن قرب وينحازون ويتحزّبون إلى أفرقاء الصراع. إلا أنهم كانوا يحافظون على حدّ من التضامن الوطني وعلى إلتزامهم لبنان وقضاياه.
في تلك الحقبة لم تنشأ في ما بينهم خلافات وصراعات حزبية. فلقد بقوا على الودّ تجمعهم المناسبات الإجتماعية والوطنية والسفارات اللبنانية في مختلف البلدان. وما التقى إثنان إلا بالأحضان والقبلات والتحسّر على أوضاع الوطن والمحن الكبيرة، الكثيرة، التي كانت تعصف به.
وبالرغم مما كان يُجرى على الساحة (بل الساحات) الداخلية من معارك ضارية وقصف عشوائي، لم ينقطع للودّ حبلٌ، ولم تقم قيامة الواحد على الآخر، أو المجموعة المغتربة على الثانية. وأما الخطاب المُتداوَل فبُني على اللياقة والمحبة إلى الحزن على وطن النجوم. وفي الحفلات والمناسبات على أنواعها يلتقون لتجمع بينهم باقة من أغاني فيروز ووديع الصافي وصباح ونجاح سلام ونصري شمس الدين … التي كثيراً ما ترافقها دموعٌ هي مزيج من الفرح والكآبة.
والذين نزحوا من الوطن هرباً من القذائف العشوائية وشريعة الميليشيات وظلمها وما كانت تفرضه من أتاوات ورسوم غير شرعية بالطبع وظلم وقهر… هؤلاء يتذكّرون تلك الحقبة القاسية ويرون أنفسهم منقادين إلى المقارنة بين أحوال الإنتشار في ذلك الحين وأحواله اليوم. وهي مقارنةٌ مؤلمة خصوصاً بالنسبة إلى أوضاع المغتربين منذ سنوات، وبالذات في المرحلة الراهنة. فقد ضربت الخلافات أطنابها وانقسم أهلنا وأبناؤنا وإخواننا في دنيا الإنتشار إنقساماً عمودياً مروّعاً، وتحديداً بالنسبة إلى جماعة الأحزاب. ولسنا نتجنّى على أحد إذا أشرنا إلى ما يُتداوَل على مختلف مواقع التواصل الإجتماعي بين محازبي ومناصري الأحزاب من حقد وبغضاء تجاوزا الحدود كلّها…
وإذ نجزم بأنّ لمواقع التواصل تلك دوراً تخريبياً رئيساً في هذه الحال البائسة نستحلف القيادات الحزبية أن تضع حدّاً لهذا الواقع الذي أقل ما يُقال فيه إنّه قبيح وأضراره بلا حدود.
(Xanax)