الصغار والانحلال الكبير

Views: 216

خليل الخوري

البلد يتحلّل، أو ما بقي منه. إنه الإنحلال الكبير في زمن الصغار: صغار النفوس، وصغار الكرامة، وصغار الوطنية.

ماذا بقي ولم يتحلل؟!. من السلطة الى القيمين عليها! ومن القضاء الى كبار المواقع القضائية الى أدناها! من الأمنيين الى المصرفيين! من المعلمين في القطاعَين الى الإداريين! من هذه الوزارة الى تلك! من التجار الى المستهلكين! من مجلس النواب الى الحكومة! من الأحزاب الى الميليشيات! من الجمعيات الى النقابات! الخ… ولا يتوقف التعداد.

إنه زمن الاقتصاد المنهار، والأمن المضطرب، والفقر المدقع، والمدرسة المتهاوية، والجامعة التي تزوّر الشهادات، والسيارات المسروقة، والمخدرات التي يتبجح مصنّعوها والمتاجرون بسمومها بأنهم يتحدّون الجميع على عينِك يا سلطة مفككة ومهزومة(…).

ماذا بقي واقفاً وصامداً في هذا اللبنان الذي تتحكم به المافيات والميليشيات والزعران، والذي يتفرج عليه العالم الخارجي عن بعد وكأنه البعير المصاب بداء مُعْدِ… إنه بلد اللجوء المزمن والنزوح المزدهر، بينما يبحث أهله الحقيقيون عن لقمة العيش التي باتت في وطنهم مغمّسة بالذل، هذا اذا توافرت.

إنه بلد الشعب المنهوبة ودائعه والممتَهَنة كرامته والمدفوع قصداً وعمداً الى الفقر والجوع والمرض…

واذا كان الخارج يتفرج عن بعد محاذراً التقرّب فإن الداخل يقوم على العصبيات والتعصب، وعلى الطائفية والتمذهب، وعلى الأحقاد والتفرق… حتى ليبدو أن الناس أُخضعوا الى تخدير من البنج العام وليس الموضعي…

إنه الشعب الذي قزّموا طموحاته الى حد الحصول الى رزمة إعاشة هيهات أن تصل، والى سويعات من التيار الكهربائي تبقى مجرد حلم كاذب…

وبعد ، كيف خلا هذا البلد من «العقّال»، كيف غاب هؤلاء أو كيف غُيّبوا (وآخرهم السيد حسين الحسيني، أبو علي)…

كيف اضمحل الفكر اللبناني الجَماعي ليحل مكانه هذا القدْر من القحط والعقم وأيضاً هذا القدْر من الحقد والكراهية والكيدية والضغينة؟!.

اللهم نجَّنا من الأعظم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *