سجلوا عندكم

التل الغالب

Views: 377

د. جان توما

كان تلّ الرمل وسط المدينة. تمدّد الرمل عمرانًا، تاريخًا وجغرافيا. من هذا التل الرّملي مرّ الفرنجة والمماليك والعثمانيون والفرنسيون وغيرهم، وراحوا كما راح الرمل من ساحته مع رياح العمران.

هنا نزلت الطائرة  التي كان يقودها الفرنسي “فردان” عام ١٩١٥ م. وقام بحراستها  “فهيم آغا كفرسوسة”، هنا كان السراي ١٨٧٧ م. والذي هدم ١٩٦٨م. ، هنا قامت الساعة التذكاريّة عام ١٩٠٢ م. لمناسبة مرور ٢٥ سنة على ولاية السلطان عبد الحميد الثاني ، وهنا كانت المظاهرات ضد الفرنسيين، وهنا كانت استقبالات الجماهير للزعماء الوطنيين.

يرى الدّارسون أن هذا التّل الرملي كان قائما بشكل اصطناعي إذ يتطابق مع أسلوب انشاء «المناظر» أو «النواظير» أي نقاط الحراسة والاستطلاع، والذي عرفته المدينة الإسلاميّة كأحد أنظمة التحصين، والتل كمرتفع يقع في منتصف خط شبه مستقيم ما بين القلعة المحصنة شرقي المدينة وبرج السباع المشاد غربيها على ساحل البحر.

هذا يعني أن بحر الميناء كان مكشوفًا للناظرين من طرابلس، فكيف أخفيناه بالباطون العالي والأبنية الناطحة السحاب؟

هنا كان تلّ الرمل المعبر إلى ثلاث بوابات بشكل مباشر: باب الرمل، السراي القديمة، الحدادين إلى أن بدأت المنطقة تفقد سمتها الرمليّة المميّزة فأصبحت التسمية «التلّ» مع حذف «الرمل» .

يعود زياد غالب ليرسم واقع التلّ، مفتاح المدينة وعقلها وقلبها. هذه ساحة إن استعادت هويتها تنتعش أحياء طرابلس كلّها، لأنّه تلّ الاقتصاد(المؤسسات التجاريّة) والعمران (الأبنية التراثيّة) والثقافة( قصر نوفل) . ماذا تنتفع طرابلس إن ربحت أطرافها ( عزمي ومتفرعاته، الضمّ والفرز) وخسرت تلّها  وبقي قلبها مضطرب النبضات، ودماغها( أسواقها القديمة) مصابًا بالشلل؟!

زياد غالب يعرف أنّ الألوان تبهج النّفس وتريح الروح، فلمَ لا يعمل المسؤولون على تلوين ساحة التلّ كما ساحات قلوب المدن في العالم ليكون نبض الشرايين مواكبًا محبة المدينة، تاريخًا وهويّة.

لوحة زياد غالب تسعى إلى الإجابة عن أسئلة مفصليّة، وتتكلّم على الآتي بفرح على قدر أحلام ريشته ومساحة ألوانه، فهل نصبح على الرجاء؟

 

(*) اللوحة للفنان زياد غالب

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *