سجلوا عندكم

حين يصير الخطأ ضربة حظ

Views: 1061

د. جان توما

جلس صاحبي وأخرج كشكوله من ذاكرته، وأدار مونولوجًا يشرح لي فيه فنون الرواية وأخبار الأخطاء وضروب الحظّ، وكيف يمكن للشاطر أن يستفيد من الخطأ ليصير صوابًا؟ يملك صاحبي جعبة لغويّة تتسع لأبجديات متعدّدة، وفي الوقت نفسه يمتلك أخبار الحارات وناسها وخاصة في تحليلاتهم وتفسيراتهم، كما في ذاكراتهم الشعبيّة مثلا : كيف تنبري ذائقة الابتكار في التسويق والاقتصاد حين يقع الخطأ، لتبدع في طرق الاستفادة منه ليصير صوابا وضربة حظّ، بالدعاية أو بالإعلان؟. كثيرة الأخطاء التي سردها صاحبي من المتداول على ألسنة الناس ومنها قوله:

كان في يده اليمنى إصبع أعوج. لم يكن يحسن تقويمه. كان علامة تشويه لكنها لم تكن تعيقه في لعبته الرياضية التي أحبّ.لحظ أستاذ الرياضة الأصبع المشوّه فابتكر حركة خاصة بالأصبع الخطأ لا يستطيع تأديتها أصحاب الأصابع الصحيحة  ما أمّن له تفوّقًا على زملائه.

هذا ما حصل أيضًا مع عميد حلويات طرابلسيّة حين لم ينتبه العامل “شميسم” إلى مقادير عجينة الحلاوة ووقع الخطأ. قام العميد بتذوّق العجينة الجديدة فوجدها مع بعض إضافة أسرار المهنة طيّبة المذاق، فأطلق عليها اسم من أخطأ فكانت ” حلاوة شميسم” المشهورة اليوم.

كذلك هذا ما حدث يوم أخطأ عامل في معمل التنباك في التركيبة المعتادة للمنتوج ، فأخرج بالخطأ تركيبة غريبة، لكن مدير العمل أطلقها في السوق بعلب تحت اسم ” لاكي” علًها تجد حظّا، فضرب الخطأ خطّ الحظّ ونجح.

واستكمالا فإنّ التنباك المعسل هو نتيجة خطأ جرى يوم اختلط العسل بكمية التنباك المنقولة في شاحنتين نتيجة حادث، فتدبًر المعنيون نوع التنباك الجديد، فكان التنباك المعسل جامع المجد من طرفيه عند المدخنين.

يبقى الخطأ خطأ ولكن بالذائقة الإبداعيّة قد  يُبنى عليه الصحّ ومنه ينطلق التفكير والتدبير.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *