في الذكرى الـ 150 على ولادة رشيد نخلة مؤلف النشيد الوطني وأمير الزجل

Views: 18

سليمان بختي 

رشيد نخلة ( 1873-1929) أمير الزجل وواضع النشيد الوطني وابنه أمين نخلة (1901-1976 ) الذي بوأه أمير الشعراء أحمد شوقي إمارة الشعر “وليا لعهدي من بعدي”. شاعر وأديب وصحفي وزعيم سياسي. يعود نسب أسرته إلى بني هاشم العرب الحسينيين ونزحت عائلته من الحجاز إلى لبنان في القرن السابع للميلاد. 

هو رشيد بن سعيد بك بن جرجس نخلة. والده كان ضابطا في الجيش العثماني تولى مديريتي سوق الغرب والعرقوب ونال لقب بك من الدولة العثمانية والوسام المجيدي والميدالية الحجازية .

ولد رشيد في الباروك في العام 1873 وهذه السنة هي الـ 150 لولادته وتلقى تعليمه في مدرسة عين زحلتا ثم في مدرسة سوق الغرب الأميركية وفيها كتب أول مقال له في جريدة “الأرزة” المدرسية بعنوان “المرأة المسيحية ولزوم حجابها”.

تولى عدة مناصب منها “مدير العرقوب” خلفا لوالده ثم قائمقام جزين ثم مديرية دير القمر.

 

أسس عام 1912 جريدة الشعب ومركزها عين زحلتا وكانت توزع مجانا في سبيل الحرية ولوجه الأدب. وعندما عهد بها في العام 1925 إلى ابنه أمين كتب له:” فكن أنت برًّا يا أمين بعهده/ ومثلك من من يعهد الوفا”.

بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى 1915 نفي رشيد نخلة مع بعض أعيان لبنان إلى فلسطين. ضج الحنين به إلى لبنان وإلى وادي الصفا فكتب: “يا صفا العيش على وادي الصفا/ حسب حظي فيك ذكرى وكفى “. وبحسب كتاب جوزف أبي ضاهر ” أمير الزجل” 2010. عاد رشيد من المنفى إلى لبنان ليواجه بطلب نفيه إلى الأناضول فتسلح وتخفى في الأودية ثم شكل حركة الفدائيين اللبنانيين في بيت الدين وصمم لها راية بيضاء في وسطها أرزة خضراء. 

بعد إعلان دولة لبنان الكبير 1920 عين مفتشا للأمن العام ثم عين في العام 1925 محافظا لمدينة صور وأحيل إلى التقاعد في العام 1930.

من مؤلفاته:”غريب الدار” 1898 و”العواطف اللبنانية” 1910.

 

عام 1925 فاز بمسابقة النشيد الوطني “كلنا للوطن” وحفر اسمه إلى جانب النشيد في 53 كلمة. طلب رشيد نخلة أن تذهب قيمة الجائزة المالية إلى الفقراء. فكتب إليه وزير المعارف يسأله “إعلامنا الجهة التي تريدون أي ينحصر المبلغ فيها”. (Valium) وجاء جواب الشاعر:” الفقراء كما لا يخفى على الوزير الصديق، متكافئون في الحرمان ، متماثلون في الخيبة، وفي تأخر رحمة الله التي وسعت السماوات والأرض وضاقت عليهم. فهو يرى معي، ولا ريب، أنه لا يجوز أن يفضل بعض الفقراء على بعض، في هذه العطية التي هي جهد المقل، والتي لا تغني عن فقر. ولكن معناها يدخل على أولئك المحزونين في ظل الحياة شيئا من البهجة، ويمثل لهم في صورة صادقة، صناعة المشتغلين بعواطف القلوب”.

جمع رشيد نخلة شعره الفصيح في ديوان بعنوان “ديوان الشاعر السماوي” بحسب وصف  ولي الدين يكن له. أما الزجل فبرأيه هو “لغة المهد وأن الأديب العربي إنما هو مترجم خواطره ترجمة. أي على عكس الشاعر العامي الذي يلقي فكرته إلى لسانه دون حاجة إلى الترجمة. إذ أنه يفكر باللغة التي يكتب فيها. وأما الأديب العربي فهو يفكر بالعامية ويكتب بالفصحى”.

وأول كتاب زجل ظهر له هو رواية “محسن الهزان” 1926.

 

في أيلول 1934 كتبت النوفيل ليترير الفرنسية عن رشيد نخلة بأنه “مسترال  لبناني”. كما كتب الكاتب والسياسي الفرنسي موريس بارس بعد اطلاعه على زجل رشيد نخلة :” الآن عرفت ما كنت أجهله. أنتم جماعة الشعراء الشعبيين، تعيشون في بيوت الناس، ونحن نعيش في كتبهم فلا بدع إذ نراكم أشد حرارة منا”. بويع بإمارة الزجل عام 1933 ولم يحضر حفل مبايعته لسبب بتر ساقه.

جمعت أزجاله بعد وفاته بعنوان “معنّى رشيد نخلة” 1946 بإشراف إبنه أمين. وهو كان نشرها في البرق والمعرض والمكشوف. وصدر له كتاب ” المنفى” 1956 بتقديم أمين نخلة. أما المخطوطات:” عنتر” و”كتاب الماضي” و”مذكرات رشيد نخلة” و” رسائل رشيد نخلة” فلم تصدر.

التقى في شعر رشيد نخلة وزجله جمال الصورة وقوة الوصف وتوهج النفس وبلاغة التعبير. 

غنت من أشعاره فيروز أغنية “أهلا وسهلا” ومن ألحان الأخوين رحباني. كما غنى له وديع الصافي “قلت وقالت” و”صار الحكي بيناتنا من دون حكي”. وغنى له سعيد الأطرش ” ولفي جفاني”.

ومن أزجاله نختار “الله معك يا إم القميص الزهر/ زهر الربيع هفهف ع حفة نهر/ ربك خلق كل الدني بأسبوع/ لكن عليك ضل ينحت شهر”. 

 

توفي رشيد نخلة سنة 1939 وأقيم له مأتم رسمي وشعبي في الباروك. يوم وفاته وقف المطران أوغسطين البستاني أمام سطوح آل علوان ونادى بناء على وصية الفقيد الكبير “تحذير تحذير  يمنع منعا باتا حمل النعش إلا من قبل دروز الباروك فقط”.

منح وسام الاستحقاق المذهّب وأطلق اسمه على شارع في منطقة الظريف. وشيد له ضريح في العام 1950 وأقيم تمثال له ونقل رفاته إليه في العام 1966. 

لا تزال كلمة الأمير الرشيد تسمع في طول البلاد وعرضها كلما عزف النشيد وردده المنشدون. ولا تزال أزجاله تستعاد. ولا تزال كلماته في احتقار السياسة في لبنان تتجلى حين وصفها” السياسة قبر المروءة وحرفة المصلحة وصناعة الحيلة”. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *