سجلوا عندكم

غابريلا نجم: الصوت النجم

Views: 764

د. جان توما

(إلى عزيز وأمل)

أعرفُ صوتَها منذ زمن، وقد كافَحَت لتصل إلى ما هي عليه الآن. أعرف أن الأصوات الشّابة الجميلة تختنق في زحمة التجارة الفنّية إذ خبا زمن احتضان المواهب وتطويعها بالخبرة لإطلاقها .

تدرس الصوت الشّرقي مع أ. عايدة شلهوب في المعهد الموسيقي الوطني، وهي تستفيد بذكاء من وسائل التواصل الاجتماعي لتظهير قدرات صوتها  في فنَ الترتيل الكنسي البيزنطي، وفي استعادةٍ شبابيّةٍ للتراث اللبناني .

أَطْلَقت، بالأمس، عبر الفايسبوك، مع المايسترو فادي يعقوب وفرقة موسيقيّة من ٣٥ عازفة وعازفًا تقريبًا أغنية “يا لبنان دخل ترابك” في إخراج متقن، وتقنية واضحة في القيادة والعزف والتصوير.

لكنّ صوت “غابريلا ” بدا مغرّدًا في البريّة، فله مسرى الريح ومدى السماء. هي ترتاح في شرقيّة صوتها وبحّته. كأنّها في وقفتها مع المايسترو على التلّة تستعيد شيئا من طلوع الشحرورة “صباح” بحضورها، كما في تصوير ذلك الألق الرحباني المشهدي في المصالحة مع الهواء والتراب والصخر ، كما في استذكارها توفيق بركات والمارد ملحم بركات في جنون ألحانه وتوزيع جمله الموسيقيّة.

 

غريب كيف يصير الصوتُ الجسرَ إلى مرابع الجمال على الرّغم من معرفتنا بأنّ الصمت هو مفتاح العبور إلى كنه الأشياء. لعلّ صوت “غابريلا” هو  صوت ساكن  لا يتصنّع الغناء، بل يتنفّس كاليمام حين يفرد جناحيه ليحلّق كبساط الريح في تلمّس الجمالات في هذا الكون ، ربّما ليصحّ ما جاء في الكتب:” ليت لي جناحًا كالحمامة فأطير وأستريح”.

أعرف وتعرف “غابريلا” أنّ المسيرة الفنّية متعِبَة، ولكن الموهبة تستحق أن تكون كملح بلدتها “أنفه”قديمًا ، الممزوج بعرق العاملين الصّادقين، لمّاعا عن حقّ، وبارقًا كالنور، بياضًا على بياض.

“غابريلا” من الأصوات الواعدة. هي من قماش ذاك الصوت الذي يركّز على التراث ما بين الشرقيّ والأندلسيّ. هو صوتٌ كما يقول ابن الرومي:

 فيه وشي وفيه حليٌّ من النغمِ

مصوغٌ يختالُ فيه القصيدُ.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *