حلم ليلة صيف
خليل الخوري
يُستبعد أن تتضّح حقيقة السياسة التي ستنتهجها الإدارة الأميركية، برئاسة جو بايدن، قبل شهر أيار 2021. أقلّه هذا ما أعلنه وزير الاقتصاد الألماني بقوله: «لن يتّضح، حتى الربيع المقبل، ما هو الاتجاه الذي ستسلكه السياسات الأميركية». والوزير بيتر ألتماير يُعتبر من أبرز وزراء حكومة المستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل، وقد أعرب عن قلقه من «استمرار حالة عدم اليقين في الولايات المتحدة لأشهر عديدة».
سِقنا هذه المقدمة لنقول إن الرهان المُبكر على ما يُمكن أن تتخذه إدارة الرئيس الأميركي المنتخب ليس في محلّه. فباستثناء الموقف الواضح من منح بايدن الأولوية لمكافحة فيروس كورونا (كما أعلن خلال الحملة الرئاسية وما بعدها) لا يمكن الركون إلى أي استنتاج مُسبق. فـ»الدولة العميقة» في واشنطن، التي تتحكم بالقرارات الاستراتيجية، هي التي ترسم سياساتٍ يعتمدها الرؤساء مهما كان انتماؤهم، سيّان أكانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، من دون أن ننسى أن لجوء الرئيس دونالد ترامب، المُقبلة ولايته على الانتهاء في العشرين من شهر كانون الثاني الآتي من العام 2021 المُقبل، سيتّخذ اعتراضه على النتائج مساراً طويلاً أمام القضاء ومجلس الشيوخ.
من هنا نرى أن تركيب السيناريوات في بلدانٍ عدة من العالم، من بينها مختلف الأطراف اللبنانية، إنما هو كمن يبيع سمكاً في البحر. لذلك نرانا ندعو هذه الأطراف إلى التعامل مع الولاية الرئاسية الجديدة في البيت الأبيض بكثيرٍ من الحذر، وخصوصاً بالتريّث، خشية أن يُصاب المراهنون بالخيبة. وقد علّمتنا التجارب أن الذين وضعوا بيضهم في السلّة الأميركية وحدها، كثيراً ما حصدوا الريح، فكم بالحري الرهان على معالم لم تتضح بعد، وقد لا تتضح في المستقبل القريب.
وإذا كان القوم عندنا، أو «الجماعة» كما يُسمّيهم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، قد ربطوا تشكيل الحكومة العتيدة بالانتخابات الرئاسية الأميركية، فإننا نُحذّر من أن يربطوا التأليف، بعد الانتخابات، بمسارٍ طويل ومعقّد يتعذّر تحديده منذ اليوم. وبالذات المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووي الذي أُقر بعد مفاوضاتٍ مُضنية استمرت عشر سنوات شاركت فيها مجموعة الـ5+1. وإذا كانت المعلومات تُفيد بأن بايدن حريص على هذا الاتفاق، فإنه أيضاً يقول بتعديله، وهو ما لا تقول به إيران. فهل علينا أن ننتظر إلى الأبد لتشكيل الحكومة؟!.
