عامٌ على الوفاة الأولى
خليل الخوري
تتّسع الدائرة كلّ يوم فلا تضيقُ بهم. إنهم ضحايا Covid-19 الذين يتساقطون أقرباءَ وأصدقاء وأحباباً ورفاق درب ممن لا تزال الحياةُ تليقُ بهم.
وجوهٌ حبيبة. وجوهٌ صبيحة. وجوهٌ مُناضلة. زملاء وخلّان.
ضحايا الموت المجاني الذي يحمله هذا الوباء الملعون، ويتنقّل به من قارّة إلى قارّة، ومن بلد إلى بلد، ومن عاصمة إلى عاصمة، ومن مدينة إلى مدينة، ومن قرية إلى دسكرة، ومن منزل إلى منزل، ومن غرفة إلى غرفة… وقد آلمَني، أمس، رحيل الأخ الصديق العزيز الآدمي المرحوم مسعود الأشقر (بوسي) الذي قارَب السياسة ولم ينغمس في دهاليزها، ولم يبع أو يشترِ في أسواق نخاستها، وحافَظ حتى الرمق الأخير على النقاء والصفاء والوفاء، ولم يتلوّث بقاذورات السياسة الممتهَنة في لبنان. وتميَّز بروح نضالية مقاوِمة لوجه إقتناعه ووطنيّته. أحبّه الكثيرون ولم يُبغِضه أحد وحظيَ بإحترام الجميع حتى من الأخصام والمُنافسين إلى أن صرَعه الفيروس.
إنه عصر كورونا بإمتياز، فلم يعد أحد من بني آدم في منأى عن أشداق هذه الجائحة المفتوحة على إلتهامهم.
من الصين إبتداءً، إلى كلّ مكان في هذه المعمورة إنتشاراً. إنه الوحش الذي لا يشبع. والأنياب التي لا تتوقّف عن طحن الناس في واحدة من أبشع ما عرفته البشرية من موت شبه إجماعي، ولا حدود توقفه، ولا سدود تصدّه، ولا دفاع يُذاد به ضده حتى الآن.
هذا الفيروس الذي لا يُرى بالعين المجرّدة طوّع الثمانية مليارات إنسان وفرض عليهم قانونه. قانون الموت الزؤام الذي يضرب «خبط عشواء» كما قال الشاعر الجاهلي زُهير بن أبي سُلمى:
رأيتُ المنايا خبطَ عشواءَ مَن تُصِبْ
تُمِتْهُ ومَن تُخطئ يُعَمَّرْ فيَهرَمِ
ولا نودّ الدخول في ما يُقال، ولو على ألسنة علماء، إنّ هذا الفيروس القاتل هو إنتاج عقل بشري شيطاني. ولا نُريد التركيز على نظريّة المؤامرة وإن لا نستبعدها في مفهومنا الشخصي. وسيّان أكان وراءه هدف الربح المادي من اللقاحات، أم الفكر الإبليسي لتقليل أعداد الناس، نود أن نسأل الذين يملكون أسرار التطوّر العلمي في استحداث أسلحة الدمار الشامل على أنواعه الرهيبة الإبادية: هل أنّ تكنولوجيّاتهم، بالغة التطوّر المُذهِل، عاجزةٌ عن تقديم العلاج، وليس فقط اللقاح المشكوك فيه حتى اليوم؟
أمس مرّت سنة على تسجيل أوّل وفاة بالكورونا في الصين. اللهم نجّنا من الأعظم.