سجلوا عندكم

الأصوات والوجوه

Views: 424

د. جان توما

حين كتب الأخوان رحباني كلمات أغنية ” وينن” هل استشرفا واقع اليوم؟ كيف تساءلا يومها:

“وين صواتن وين وجوههن… وينن”؟

ارتفعت الأسوار، وقامت الوهاد بين الوجوه الأليفة. صرتَ تحسب ألف حساب كيف تلتقي من تحبّ:

“صار في وادي بيني وبينهن…وينهن”.

ولكن الأحبة هنا، لكنك لا تستطيع أن تلقاهم إلّا على حذر وخوف، كما كان “جميل بن معمر”  يلتقي حبيبته “بثينة” على عجل. تتمنى أن يأتوا إليك، ثم تأبى ذلك حرصًا على سلامتهم كما في قولهم:

” تعا ولا تجي”.

هكذا فجأة وقف الزمن، واختفت الناس، كأنّهم: ” ركبوا عربيات الوقت وهربوا بالنسيان”،

كأنّنا في زمن الشتات ولكن في محيطنا الذي نعرفه. كأن الناس هكذا لململوا أشياءهم، ودخلوا في دواخلهم، واعتكفوا، كأنّهم:

” تركوا ضحكات أولادهن منسية عالحيطان”.

من أغلق الابواب علينا و” تركوا  المفاتيح” في القفل من الخارج؟ من يفتح لنا كوّات الأمل لتقبّل وجوهنا وجه الشمس بحريّة الطيور؟

رُحّلوا كلّهم إلى مهاجعهم، وغابوا في عزلتهم، كأنّهم:

“تركوا صوت الريح” وكأنّ الشجر ما عاد مطارح العصافير العاشقة، وليالي مناجاة القمر.

تبحث عن من تحبّ فلا تجد إلّا العالم الافتراضي لتنقل له حديث الجوى، ووجع النوى بعناوين رقميّة، لا حياة فيها، ولا تلاوين فجر أو غروب ،كأنّهم:

“راحوا ما تركوا عنوانهن”.

صحيح أنّ “عشاق الطرقات” ما تخلّوا عنها في زمن الحَجْر، لكن الصورة العامة للناس تبدو كأنّهم:

” إفترقوا لا حكي لا مواعيد”.

أتأمل  أجمل صور مرّت في الأيام الخوالي ، أرسم عالمي الجديد، ألون بالشوق التلال والهضاب، كانّي:

“أنا وحدي صوت الشوارع أنا طير القرميد”،

ألملم ما تيسّر من ذكرياتي ، أتناول كتابًا من رفوف عصافير مكتبتي، افتح عالمه، ألقى الحميع هنا، كأنّي إلى من أحبّ:

” هربت بهالليل” كي ينجلي.

الصورة للفنان جورج لبّس

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *