وَشمٌ صَباحِيٌّ (49)
د. يوسف عيد
حَديقَتي فُستانُ الزَّمان.
بِتُّ أنتظِرُ الفَجرَ لأغِلَّ في الشَّرايين .
أُنْثايَ خَاتَمُها مُقلَةٌ خضراءُ.
ضِحكَتُها مَلْمومَةٌ على شَفَتَيْ عَذْراءُ.
ولأنَّها طازَجَةٌ،
استعارتْ من نَهْدِ صَبِيَّةٍ حِصَّه الأخضَرَ،
ومن خَصرِها تَدويرَةَ خَصرِ الشَّربين،
وفيها غَمَّستْ ريشَها الحساسينُ .
ولأنَّها طازَجةٌ،
بَرعَمَ الرَّنْدُ والحَبَقُ،
فَغَمَرتْ إصْبَعها غِمارُ الورق.
حِينَ أُقبِلُ عليها،
أدفُنُ شَفَتَيَّ فيها،
فيَضَلُّ يَشْهَقُ الورقُ ويَخضَرُّ صوتُ الحساسين.
ولأنَّها طازَجةٌ،
حَيَّكتُ لها فُستاناً مِنْ فِرْجِ نَجْمَةٍ،
وقَطَّفْتُ خيطانَه من صَدرِ حَسّونةٍ لَوَّحَتْه جَدائلُ شمسٍ .
ولأنَّها طازَجَةٌ حَبَكْتُ لها في كلّ فَجرٍ فُستاناً مِنْ ألوانِ الوَردِ،
أَحمِلُه في المَساء على زِنْدَيَّ غِطاءً أهديه لفقير.
ولأنَّها طازَجَةٌ أجثو عندَ جمالها،
أرسُمُ لها فُستاناً أبيضَ مِنْ أعلاه الى أسْفَلِه
بعيونِ أزرارٍ حمراءَ لتعيشَ في نفسي نَشْوَةُ الحياة .
لا تَلُمني أيّها الزّمانُ،
تلك هي حديقتي فستانُ جَنَّةِ عَدنْ.
(صبَاح الأمَل)
