سجلوا عندكم

الحوكمة والتحوّلات الرقمية لرفع المستوى والتقدم العلمي في مواجهة التحديّات المستقبلية

Views: 291

العميد الركن صلاح جانبين

في ظلِّ التطوّرات العلمية والتقنيات التكنولوجية التي أحدثت في القرنين العشرين والحادي والعشرين تقدّمًا ملحوظًا في العديد من المجالات، بخاصة الإتصالات والهندسة بكل فروعها، والطب والأدوية، ووسائل التعليم والنقل، ناهيك عن تقنيات الأسلحة الحربية على اختلافها، مرورًا بالمعلومات وتطوّر التعامل بها وإرسالها من خلال المطبوعات الورقية والإذاعة، وصولًا إلى استخدامها عن طريق البرمجيات والحواسيب والهواتف والأجهزة المحمولة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

لقد تأثّر المجتمع الإنساني بتطوّر العلم والتكنولوجيا، حيث منحت تلك التكنولوجيا للبشر جميع سُبل الراحة سواء في المنازل أو في أماكن العمل وفي معظم تفاصيل وعالم الحياة؛ كالسيارات، والآلات والمعدّات والمنشآت الصناعية والخدمات الإلكترونية والمعلوماتية والرقمية بواسطة الإنترنيت وتعدّد استعمالها على مدار الساعة، كما وفّرت الحماية للمستخدم في جميع احتياجاته على كل الصعد، ما ساهم في تقليص المشقّة على الأفراد باختصار المسافات وبوقت أقل. كما أدّى التطوّر العلمي والتكنولوجي إلى التأثير في الاقتصاد العالمي، حيث أحدث هذا الأمر ثورةً عالميةً في المجال الصناعي، فازدادت قوة التجارة الدولية ما أدّى إلى ارتفاع مستوى معيشة الأفراد والعاملين في الإدارات والمؤسّسات، والتي مكّنت العاملين من السيطرة على جميع الأعمال، وسهّلت التعاملات التجارية بين الشركات من خلال الوسائل المصرفية الإلكترونية.

 

طبقًا لكل تلك التطوّرات والتقنيات، وتماشيًا معها برزت الكثير من المصطلحات القديمة والجديدة كالعولمة والعلمنة والأتمتة والرقمنة، والحوكمة الرقمية، والتحوّل الرقمي والحكومة الذكيّة والقيادة الرقمية، كما المواطنة  والقوانين والمسؤوليات والحقوق والأخلاق الرقمية وأثرها في تنمية المجتمعات، وانعقدت الكثير من المؤتمرات والمحاضرات حول التوجّه والتحوّل الرقمي، إضافةً الى العديد من المنشورات العلمية والأدبية والاقتصادية الرقمية. فما هو المقصود بالعلمنة والحوكمة الرقمية، والأتمتة والرقمنة، التحوّل الرقمي، القيادة الرقمية، المواطنة والحكومة والقوانين الرقمية؟ وهل لبنان بدوائره الحكومية يقدّم الخدمات الإلكترونية للمواطن لتسهيل أعماله واختصار المسافات والتخفيف من أعبائه المعيشية في زمن الأزمات إسوةً بالدول المتقدّمة والمتحضّرة؟

العلمنةهي  تحوّل  المجتمعات ذات الهوية الدينية إلى مجتمعات غير دينية وإلى مؤسّسات علمانية من خلال التحديث أو الترشيد، حيث يفقد فيها الدين سلطته وثقافته وأهميّته في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والحكم الرشيد، ويصبح دوره محدودًا كنتيجة للعلمنة.

الحوكمة الرقمية تتلخّص بقيادة التوجهّات الاستراتيجية للحكومة الرقمية، وحوكمة المهمات والمسؤوليات المرتبطة بها، كالخدمات الرقمية الحكومية المخطّط لها، والاشراف على تنفيذها وتطويرها وعلى كافة المناقصات والعروضات والمشتريات والتراخيص المتعلقة بها، وقياس مستوى أدائها ومدى نجاحها وصلاحها واكتمالها.

 

 الأتمتة، يُطلق على تطبيق الآلات للمهام التي كانت تُنفّذ لمرات متتالية ومتتابعة من قبل البشر، إلى المهام التي أصبحت تُنفّذ من قبل الآلات والمكنات الصناعية التي من شأنها أن تؤدّي عملًا آليًّا للإنتاج الصناعي. وعلى الرغم من أنَّ مصطلح المكننة غالبًا ما يُستخدم للإشارة إلى الإستبدال البسيط للعمل البشري بواسطة الآلات، إلا أنَّ الأتمتة تعني عمومًا دمج الآلات في نظام التحكّم الذاتي، وفي جميع المجالات والجوانب الحياتية التي أُدخلت فيها.

الرقمنة تتمثّل بعملية تحويل الإتصال الكتابي للمستندات، والشفوي للمكالمات إلى رسائل إلكترونية رقمية يفهمها الجميع، حيث يتم تحقيق هذا التحوّل من خلال شبكات الأعمال والشبكات اللاسلكية. تتميّز العملية بكفاءة عالية، وتكاليف معاملات أقل وتحكم أفضل.

التحوّل الرقمي يمثّل إعادة تفكير جذرية في كيفية استخدام المؤسّسة للتكنولوجيا والأفراد والعمليات بهدف تغيير أداء الأعمال بشكل جذري. والذي يتطلّب قيادة رقمية حكيمة وتعاونًا بين الإدارات المختلفة، التي تُركِّز على الأعمال، مع نماذج تطوير التطبيقات السريعة.

 

القيادة الرقمية تتمثّل بمساهمة القائد في التحوّل الرقمي نحو مُجتَمَع المعرفة، ومدى معرفته في المجالات التقنية، وهي الإستخدام الإستراتيجي لأصول الدولة أو المؤسّسة أو الشركة الرقمية، بهدف حلّ مشاكل العمل والحدّ من المعوقات.

غير أنه هناك استراتيجيات ناجحة لتحقيق القيادة الرقمية تتلخّص بـ:

–     صياغة استراتيجيَّة رقمية مُحكَمَة تقوم على التعريف بالمؤسّسة وطبيعة عملها،  تعتمد على خطة واضحة ومفصّلة للمحتوى الرقمي الذي يُعبّر عن أهداف وخدمات وقدرات المنظّمة وإيصالها إلى جمهورها الرقمي.

–     وضع التكتيكات والآليّات للاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي التي تُلبّي احتياجات المنظّمة في الوصول إلى جمهورها الرقمي والتواصل المستمر معه وتنميته.

–     إدارة مواقع الإنترنت بشكل منتظم وتحديث محتواها وانتظام المحتوى المنشور على جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

المواطنة الرقمية، تهدف إلى وضع الأفراد في المجتمع على طريق العلم والمعرفة والتكنولوجيا، والقضاء  نهائيًا على الأميّة الرقمية، واكتساب المقالات الرقمية والمعرفية للدخول إلى أسواق العمل وتطبيق الحوكمة الرقمية لرفع المستوى والتقدّم العلمي في مواجهة التحديّات المستقبلية. والتي أصبحت في صلب حياتنا اليومية التي نعيش معها بشكل دائم من خلال أجهزتنا الخلوية، لكن يجب توخي الحذر من بعض الأخطار والشوائب التي تتعلّق في كيفية استعمالها نظرًا لعدم مراقبتها الكافية من قبل أجهزة الدولة.

الحكومة الرقمية، تهدف إلى تطوير الخدمات الإلكترونية وإتاحتها للأفراد بحيث تتوافر على مدار الساعة من خلال عدة قنوات منها تطبيقات الهواتف الذكية.

 

الحكومة الذكية، هي خدمات إلكترونية رقمية تعني الاستغناء عن أمور كثيرة، منها الإستخدام المفرط للورق والوقت الضائع في متابعة المعاملات بين الدوائر، بهدف تطوّر منظومة الخدمات الحكومية في الدولة وسرعة إنجاز المعاملات وراحة الأفراد الذين باستطاعتهم إنجاز معاملاتهم من خلال هواتفهم الذكية ومن دون الحاجة للذهاب إلى مكان الدائرة الحكومية والإنتظار لوقت طويل.

فالتحوّل إلى الحكومة الذكية يحتاج الكثير من العمل المتواصل للتأكد من جاهزية الخدمات التى ستتوافر للمستخدمين، ويتطلب من المسؤولين فهم الاحتياجات الرقمية وكيفية تطبيقها وإنجازها.

القانون الرقمي، يُقصد به القواعد، القوانين، والتشريعات التي تحدّد الإجراءات والسلوكيات والمسؤوليات، بالإضافة إلى الآثار القانونية المترتّبة في المجتمع الرقمي. فقد أعلن الاتحاد الأوروبي في مطلع السنة الجارية عن قانون الخدمات الرقمية، وهو نظام يهدف إلى التخلّص من المحتوى السام في الإنترنت، كما أعلن عن قانون الأسواق الرقمية، بهدف الحدّ من هيمنة الشركات على الاقتصاد الرقمي، وتحقيق العدالة والتنافسية في الأسواق الرقمية. وقد سبق لهذين النظامين نظام حماية خصوصية البيانات الذي أطلقه عام 2018 ليكون الاتحاد الأوروبي مسؤولًا عن ثلاثة قوانين تتعلق بتنظيم الفضاء الرقمي.

لذلك على الدوائر الحكومية في لبنان دراسة احتياجات المواطنين وفي كل المناطق وهو رائد بين الدول العلمية والطبية والتقنية وتاريخه يشهد تطورّه وتقدّمه على مستوى العالم في معظم المجالات، لكن بالرغم من الأزمات التي تعصف به، يجب الإصرار والعمل على تأمين حقوق المواطنين الطبيعية وتفعيلها، بتقديم خدمات الدولة الرقمية عن طريق عدة قنوات منها المواقع الإلكترونية والهواتف الذكيّة والرسائل النصيّة، من خلال دوائرها المتوافرة على الشبكة، أو حتى غير الجاهزة منها في الوقت الحالي نتيجة للأوضاع المعيشية التي نعيشها في لبنان والعمل على تجهيزها، ليصار بواسطتها إلى التمكّن من(دفع فواتير، سجلات عدلية، جوازات سفر، إخراجات قيد، بطاقات الهوية، إفادات عقارية، فحوصات طبية، تأمينات صحية،…) عن بعد باختصار المسافات المقطوعة ومن دون عناء ومشقّات السفر ومشاكل السير والطرقات، للتخفيف عن كاهل المواطن وأزماته المعيشية، والعمل على تطوير المواقع لمواجهة التحدّيات المستقبلية مع مراعاة سهولة الإستعمال باستخدام التقنيات والمعايير الجديدة لمجابهة الثغرات والشوائب كافة.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *