سجلوا عندكم

وَشمٌ صَباحِيٌّ (89)

Views: 574

د. يوسف عيد

 

اليومَ يومَ أحدٍ،

وقد سبقتني ابنةُ الصَّباح إلى حديقتي.

لحقتُها فوجدتها تتفقّد كل زاوية فيها برغم شعاعاتها الكانونيّة.

هي مجنونة وأنا أحبُّ جنونَها،

لأنّ فيه الحريّة والنّجاة معًا.

وللمصادفة زارني زائرٌ لطيفٌ،

مجنونٌ بحريّته،

بينما كنتُ داخلَ خيمتي الزّراعيّة المتواضعة.

مجنونٌ يعشَقُ الانفرادَ والنجاةَ،

من أن يُدركَ الناسُ عشقَه،

فإن أدركوا يستعبدوه في قفص أو مقتل.

زائرٌ لم يَخجلْ منّي، 

ولم يهرِبْ.

هو واعٍ بما في ذاته من روحٍ تخالفُ المفاهيمَ الإنسانيّةَ المألوفةَ.

يغربلُ الحُبَّ ويحفزك على التفرّد،

ولا يأتي إلاّ في هذا الفصل وكأنّه روحٌ،

لها فصولُها  الخاصة،

فشتاؤها ليس كربيعها،

وصيفُها ليس كخريفها،

يرى إلى الناس ويَعلَمُ بطبيعة نفوسِهم .

جالستُه فَشعَرت بتودّد لا يملكه بَشرٌ .

هيَّجَ فيّ إنسانيّتي المفقودة على يد زمرةٍ   شيطانيّة  من بلادي . 

حزنتُ كثيرًا لانّه منَحَني ثقتَه العمياءَ،

وهذه قد فقدتها أيضًا في بعض رجال الوطن.

جعلَني أضرِبُ الهواءَ كما يضرِبُه بجناحيه،

وأصرُخُ بين زروعي، 

أنّي ناقصُ عقلٍ،

وإيمانٍ في هذه الدّنيا،

وألاطف زائرًا كاملَ الأوصاف بألوانه السّماويّة القُزحيّة.

إنه عصفور ( بو الحِن).

ضيفي وحبيبي ومُنقِذي من هواجسي،

ومنعشُ الرّوح في أوصالي.

يَكفيه أنّه تنقّلَ بيني وبين أحلامي، 

وقضيتُ معه الوقتَ الذي أهداني إيّاه.

خرجَ من خيمتي وواعدني بزيارةٍ أخرى

حاملاً معه لبوسَ الأشعّة التي راحت تطرّز بأنوارها،

وترسُمُ الظلالَ الخجولة،

المتناثرةَ بين الشّجَر المغسول .

إنّه العاشر من كانون الأوّل،

يا للعجب!!!

(صبَاح الأمل)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *