المتعدد يموت ويبقى الواحد الاحد

وفيق غريزي

 

*إلى روح صديق العمر الفنان التشكيلي والأديب عارف الريّس:

 

تتآكلني الوحشة، 

تنتهبني الهواجس والكوابيس

وتكويني بنار البرحاء…

تركتني يا صديقي قبل الغياب 

تركتني في الظلام 

كما يترك البرق الليل الضرير 

كلماتك محفورة في قلبي الكليم 

مغلول بالزمان 

لا استطيع الفكاك منه 

أنضجتني الحياة حتى اكتمل عمري 

بدرا وملاك.

 

***

الطغاة قطعان ذئاب 

لا تظهر قوتهم إلا في غزو النعاج 

وكالغربان المشؤمة التي تنعق 

عندما ترى الجيف 

صدري مهموم يعلو ويهبط 

من غير أنين 

فتحنا القلوب لتسمع نشيدي 

الذي يطهّر البشر من أدران 

الشر والحسد 

لكن النشيد لم أتمه، 

يدي شُلّت 

وقيثارتي تحطمت وتقطعت الأوتار

يموت الموت وأنت روحك لا تموت .

***

لا تبكوا عليه ولا ترثوه 

إنه الفجر المقدّس 

والروح التي تسكبون عليها الدموع 

ما تزال حية 

انثروا مراثيكم على البنفسج والورود

لتبدو الحدائق أبهى وأجمل 

أيها الهواء ارفع عن جسد الأرض 

وشاحك 

كأنه نقاب حداد 

صديقي كينونة نحسّ بوجودها 

في ظلمة الليل وفي ضوء النهار .

***

صديقي من نسل العظماء 

الذين ينيرون للبشرية ظلام الطريق 

كالأفلاك، هم يتوّجون الذرى بهالات بهاء 

اما السلاطين الطغاة، فالموت يمحي أسماءهم 

والنسيان 

تواريخنا ذهبت هباء 

الماضي لا يلتمس مجده الذين انتهكوا كرامة الإنسان.

 

***

انتشرت في الأرض القبور 

التي ما جف ما عليها من دموع 

المتعدد يموت ويبقى

 الواحد الأحد 

الأرض تنسج 

والحياة تلوّث ضوء الأبدية 

قبة من بلور مختلف الألوان 

كي يحطمها شظايا 

لا تدع الحياة تفرقّنا يا صديقي 

لكن الموت يجمعنا من جديد 

فما الأشياء يا صديقي 

سوى مرايا 

تعكس السنة اللهيب

بعيدا عن الشطآن وزحمة الانام

نم قريرا كي تسامرك الاحلام …