مؤسسة “أنور سلمان الثقافية” تمنح جائزتها الإبداعية إلى الشاعر شوقي بزيع
من قلب الحرم الجامعي للجامعة الأميركية في بيروت، كرّمت مؤسسة “أنور سلمان الثقافية” ، في دورتها الثالثة الشاعر اللبناني شوقي بزيع، بمنحه جائزتها الإبداعية، تقديرًا لمسيرته الشعرية الغنية عن سنة 2023 – 2024.
الحفل، الذي قدّمته الإعلامية سناء ضو، حضره وزير الثقافة غسان سلامة، والرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، والشاعر الكبير طلال حيدر، إلى جانب نخبة من الوجوه الأدبية والفنية والثقافية والإعلامية.
وضمّت اللجنة التحكيمية لهذه الدورة البروفيسور حُسن عبّود، والبروفيسور إلهام كلّاب، والناقد والكاتب سليمان بختي.
ومنحت المؤسسة، جائزة تقدير استثنائية للشاعرة الفلسطينية هبة أبو ندى التي استشهدت في غزة جراء القصف الغاشم للمدنيين
وقد تقدمت هبة إلى الجائزة لتُحقِّق حلمها ولكنها استشهدت من دون حلمها بالشعر والأرض والحرية. لذلك قررت المؤسسة تحقيق حلم هبة أبو ندى ومنحها جائزة تقدير استثنائية “تحيةً لروحها التي ارتقت إلى ما أبعد من المعاني والكلمات والقصيد”.
غسان سلامة
وخلال الحفل التكريمي، شدد وزير الثقافة غسان سلامة على أن الشاعر شوقي بزيع وجه لبنان الثقافي، وأحد المبدعين في اللغة والشعر.
وقال: “الشعر دواء ضد النسيان والمرارة، وكل ما شعرت بالتعب أركض إليه مستغيثاً به، ليقول لي من أنا، والشعر دائماً ما كان يزيل عني كآبة المرارة”.
طلال حيدر
وقال الشاعر الكبير طلال حيدر في كلمة ألقاها نجله علي حيدر: “شوقي بزيع إيقاعه الروحي لا يلتزم بإيقاع ما سلف من الزمان، بل بإيقاع روحه، فإذا بك عندما تسمع شعره أو تقرأه، كأنك في سماع لغة سمفونية”.
وأضاف: “شوقي صعد إلى شجرة المعاني الإنسانية الشاملة ليقطف ثمرة الشعر، وهو لا يعنيه الآن، بل في كل أوان، لأنه في مضمونه الأساسي خارج عن الاهتمام المحلي والعربي”.
شوقي بزيع
من جانبه، قال الشاعر المكرم خلال الحفل: ” كيف لنا أن نفسر الرحيل المبكر للشعراء، وبخاصة شعراء الجنوب اللبناني، الذي كان لياس لحود أخر المهاجرين منهم بإنجاه الموت”.
ودعا بزيع وزير الثقافة لإعلان الذين تبقوا على قيد الحياة” محمية طبيعية مهدّدة بالانقراض”.
قال بزيع، صاحب الأمسية المكرَّم: “إذا كان لهذا البلد من معنى، فهو يكمن في ثقافته. لا بعدد سكانه يفاخر، ولا بثرواته يتباهى، بل بما تختزنه روحه من شعر وحكايا. هو مساحةٌ صغيرة بحجم القلب، لكنّه شاسع بالمعنى. بلد يشبه القصيدة في جماله، وتضاريسه، وتنوّع جغرافيته، وقلقه الدائم… تمامًا كما كان المتنبي مع الشعر. ولهذا، أعدّ هذه الجائزة أثمن ما نلته، لأنها آتية من لبنان، من القطاع الخاص بالتحديد، لا من دولة لا أنتظر منها شيئًا”.
وعن الشاعر الكبير طلال حيدر، قال بزيع: “طلال صديق عزيز، وأحد كبار الشعراء الذين نعتزّ بهم، لكن للتكريم أصول، وأجملها أن يكون في حياة الإنسان. كما قال أحد الكتّاب: نُعطى الأرض، لكن لا يُسمح لنا بالمكوث طويلًا فوقها. يكفينا، في ما تبقّى لنا من وقت، أن نشعر أنّ هناك من يلتفت إلينا وإلى ما كتبناه… تلك وحدها جائزة لا تُقدّر بثمن”.
وفي ختام كلمته، توجّه بزيع برسالة من القلب إلى الشباب، قائلاً: “أنتم المعنيّون بكل ما كتبتُ وسأكتب، لأن الجيل الذي لا يسلّم الشعلة لمن بعده، هو جيل عاقر. لبنان والقصيدة بين أيديكم، فلا تدعو الحبر يجفّ، ولا النار تخبو”.
كما كان للفنان عبد الحليم كركلا كلمة مقتضبة عن الشاعر.
د. حُسن عبود
وألقت د. حُسن عبود كلمة دائرة اللغة العربية في الجامعة الأميركية منوهة بالتعاون الثقافي المثمر بين الأكاديميا والمؤسسة الثقافية.
د. إلهام كلَّاب
كما ألقت د. إلهام كلَّاب كلمة لجنة التحكيم منوّهة بالمستوى العالي للمرشحين الذين وصلو الى القائمة القصيرة من مختلف البلدان العربية وكذلكً كندا. جاء في كلمتها:
أيُّها الحفلُ الكريم
الشِّعرُ لا يُتوَّج… الشِّعر هو التًّاج
والشَّاعرُ أميرُ مملكتِه، والموهبةُ تكافئُ نفسَها بنفسِها.
لقد نعِمنا، نحن أفراد اللَّجنةِ التحكيميَّةِ في مؤسَّسة أنور سلمان الثقافيَّة وفي موسَمِها الشِّعري لهذه السَّنة، بتذوُّق نِتاج شِعري عربي متميِّز ومُلهِم لحوالى سبعةٍ وتسعين شاعِرًا من لبنان وسوريا وفلسطين والعراق والأردن ومصر والمملكة العربيَّة السُّعوديَّة والبحرين وسلطنة عُمان وليبيا والجزائر وكندا.
وفي هذه المُناسبة أتوقَّف لأُحيّي هذه المؤسَّسة الرائدة بشخص رائدها الأستاذ نشأت سلمان الذوَّاقة الرَّحب والشخصية المتوقِّدة والأليفة، والتي اختارت بوصلة الشِّعر كمقياس لرصدِ نبْضِ الإبداع وسموِّ التعبير، والتّوقِ إلى الحريَّةِ والحداثةِ وإلى عصفِ الجمال الذي يُخاصِرُ الموهبةَ، كمن يزرعُ بإيمانٍ وأمل وردةً على كلِّ هذا الرُّكام.
لذا كانت شروطُ الترشيحِ أن تكونَ الأعمالُ الإبداعيَّةُ على مُستوى عالٍ من الجماليَّةِ أُسلوبًا ومضمونًا، وأن ترتبطَ بأهدافٍ إنسانيَّةٍ نبيلةٍ تدعو إلى التحرُّرِ الفكِري وإعلاء كرامةِ الإنسان.
واعتُمدت المعاييرُ التي تأخُذ في الاعتبار التميُّزَ الإبداعي، واللُّغةَ المُتفرِّدةَ، والنَّبضَ الإنساني الصَّادق الحُرّ، والإضافةَ الشِّعريَّةَ إلى مجالِ الشِّعر العربي المُعاصر، الشِّعر المُقفى والموزون والحرّ، وقصيدة النثر، والشِّعر المحكي .
حِيال ملفِّ الترشيحات الذي ضمَّ سبعة وتسعين شاعرًا توقفت اللَّجنة عند خمسةٍ وعشرين مُشاركًا واختارت بصُعوبة خمسةَ شُعراء… ولم نكُن نقرأُ الأسماءَ-على أهميَّتِها- بل نقرأُ الشِّعرَ حيث تلتمعُ بين قصيدة وأُخرى شُهبٌ أو نجمةٌ أوصرخةٌ.
ولقد اختارت اللَّجنةُ وبالإجماع، والإعجاب، الشَّاعِرَ شوقي بزيع، الغزيرَ الدواوين، المُترجمة إلى لُغات عديدة والحائزَ على جوائزَ وأوسمةِ تكريم عديدة، والذي تميَّز شِعرُه بعمق التجربةِ واختمارها، بسلاسةٍ لُغويَّةٍ خلَّاقةٍ، وبتشكيلاتٍ لغويَّةٍ جديدة، وبتركيبٍ حداثي للصُّورة، وبصورٍ متوهِّجةٍ مفاجئةٍ، وأحاسيسَ متدفِّقة، بإيقاعٍ، وشَغفٍ، وعُمقٍ، وعُشقٍ، وعُذوبةٍ…
ومع تلقي المؤسَّسة هذا الاختيار أصدرت براءةَ الجائزة التالية:
تُعلن مؤسَّسةُ أنور سلمان الثقافيَّة عن قرار اللَّجنةِ التحكيميَّة للجائزة في دورتها الثالثة اختيار الشَّاعِر اللُّبناني شوقي بزيع لمنحِه جائزةَ أنور سلمان للإبداع في مجال الشِّعر العربي.
وإذ نوَّهت اللَّجنة التحكيميَّة بالمُستوى المُتميِّز لمُعظم الشَّاعرات والشُّعراء المُرشَّحين وبخاصة أولئك الذين وصلوا إلى القائمة القصيرة، وتم إبلاغُهم بذلك، وما يتمتَّعُ به نتاجُهم الشِّعري من عناصر جماليَّة وإبداعيَّة،
قرَّرت المؤسَّسة وبناء على توصية اللَّجنة التحكيميَّة وبعد مُداولات عميقة، منح جائزة أنور سلمان للدوره الثالثة (٢٠٢٣ – ٢٠٢٤) وبالإجماع للشَّاعِر اللُّبناني شوقي بزيع لما يختزن شِعرُه من تجربة مُميَّزة وعُمقٍ وأصالةٍ وانفتاح على أنساقِ الجمال.
هو شِعرٌ مجبولٌ بالتُربة والهواء والمياه والأشجار والمِساحات اللونيَّة الوارفة.
شِعرٌ ينتمي إلى الأرض والحريَّة ومع أبعاد جماليَّة تنتصرُ للإنسانِ واللُّغةِ والشِّعر.
استطاع الشَّاعر شوقي بزيع في تجربته توسیع أُفقِ النصّ الشِّعري والغَرف من الواقِع والحياة والأبواب المفتوحة على الذات والقرية والطُّفولة.
إن تجربة شوقي بزيع الشعريةَّ تسعى لأجل قصيدةٍ تُضيف إلى الشِّعر العربي الحديث وتحمِل في ثناياها أسئلةَ المكانِ والزمان والإنسان.
- كما قرَّرت المؤسّسة بناء على توصية اللّجنة التحكيميَّة منح جائزة تقدير استثنائيَّة للشَّاعرة الفلسطينيَّة هبة أبو ندى التي استشهدت حيث كانت تعيش، في غزة، جراء القصفِ الغاشم المتواتر على المدينة، وقبيل إعلان النتائج.
أرسلت لنا هبة قصائدها لتُحقِّق حُلمها بالشِّعر والأرض والحريَّة، لذلك قرَّرت المؤسسة تحقيقَ حُلمِ هبة بعد الغياب ومنحَها جائزةً تقديريَّةً استثنائيَّةً، تحيَّة لروحها التي ارتقت إلى ما هو أبعد من المعاني والكلمات والقصيد.
***
الشِّعرُ لا يُتوَّج … الشِّعرُ هو التَّاج.
الدورة الرابعة للجائزة
كما كانت كلمات باسم المؤسسة لأمين سرّها سليمان بختي والإعلامية سناء ضو أعلنت خلالها عن إطلاق الدورة الرابعة للجائزة ٢٠٢٥-٢٠٢٦ وعن قرب الإعلان عن نتائج جائزة الرواد.
مؤسسة أنور سلمان الثقافية
أُنشئت في السنوية الثانية لرحيل الشاعر وھي تُعنى بتكريم الابداع الثقافي انطلاقا من الإبداع الشعري. ومن ضمن نشاطاتها الرئيسية منح جائزة أنور سلمان للإبداع ذات البُعد العربي. وقد مُنحت الجائزة في دورتها الأولى لكل من الشاعر الفلسطيني غسان زقطان، والمؤلف الموسيقي الشاعر اللبناني غدي الرحباني، والمؤلف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني والشاعرة الأردنية مها العُتوم والشاعر العُماني حسن المطروشي.