“ها هو الخريف آتٍ”

Views: 271
jihane
جيهان الفغالي

صيفٌ قد مضى، كغيره من الفصول، آخذًا معه حرارة حبٍّ بعثها نور الشّمس، ودفء ابتسامةٍ رسمتها أوجه الأطفال.

مضى إلى حين، واعدًا بالعودة المرجوّة.

ها هو ينادي خريفًا بالمثول.

ها هوذا الخريف آتٍ، حاملًا وعودًا قديمة، وآمال عشّاقٍ دميمة، وكلمة.

ها هوذا الخريف يستأذن الفصول، يداوي بعض جراحات الحقول، بنسماته وبرودته العفويّة.

ها هو يقبّل الصّيف سخريةً، يودّعه ككلّ عامٍ، بأساليبَ مختلفة، بأمنيات المراهقين وأحلام الأمّهات اليتامى.

ها هو ينبض حزنًا، يلملم قطرات العطور، يتّكئ على وسادةِ العصور، وينتظر…

وينتظر…

ماذا سيحلّ يا ترى في زمنٍ خريفيٍّ جديد؟

إلى من سيُعلن رسول الحبّ بُشراه؟ إلى أيّ شهيد؟

في ظلّ أيّ شجرة سيُخفي الخريف براءةَ الطّفولة وأسرارها؟

خلف أيّ بستانٍ سيزرع ورودَ السّعادة المنتظرة؟

هو كالعاشق الذي يتّحد بمعشوقه، فيفرح لفرحه، وينتصر لانتصاراته، ويُهزم لهزائمه.

أين يسكن معشوقك أيّها الخريف؟ ومن هو؟

أتلك الجداول الحزينة التي تتدفّق في حضورك؟

أم هذي الأشجار التي ترمي بأوراقها كمن ينثر ما في باطنه علنًا، ويفضح خفاياه؟

ها قد وصلتَ فأهلًا بكَ!

أهلًا بأشجانك المبعثرة على الأرصفة!

أهلًا بوديانك الوحيدة! بتلك اللعبة المنسيّة على مقعدٍ خشبيٍّ حزين.

أهلًا بك أيا زمنًا يحبّني مثلما  أحبّه!

يا من لذكراكَ أنتمي، ولأوراقك المتطايرة أرتعش.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *