من جمعة الى جمعة

Views: 230
"فندق السلام"
“فندق السلام”

 

جنيف 3 السورية:

طاولة مفارقات لا مفاوضات

geneva syria peace talks

حسان الخوري

2015-01-19-Caricature

بداية سيئة لجنيف 3 السورية. حملات كلامية. إتهامات متبادلة وشد حبال وحرب ديبلوماسية فيما الحرب الفعلية  والتفجيرات مستعرتان في ميادين القتال. لا مفاوضات سلام جادة. فالنظام والمعارضة يريدان الحسم والحصول على مكاسب على الطاولة عجزا عنهما  ميدانيًا على إمتداد قرابة خمس سنوات. جراء ذلك تحولت طاولة المفاوضات، إلى طاولة مفارقات.

من هنا لم يكن إنهيار المفاوضات وتجميدها فترة ثلاثة أسابيع  مفاجأة للعديد من المراقبين للقناعة السائدة في صفوفهم بانها منفصلة كليًا عن الواقع، وأن خارطة الطريق مبنية على أسس سياسية هشة، والنهاية غير واضحة المعالم.

14-3

في رأي هؤلاء المراقبين القرار 3354  وهم أو مهزلة  أو خدعة من الأسد وبوتين وإيران، فالنظام السوري غير مهتم بحل سلمي أو بإجراء إنتخابات، أو بمرحلة إنتقالية تقود إلى حكم ديموقراطي، أو بمنح المواطنين حريات أكثر، أو بمشاركة شعبية أوسع في القرار السياسي، وإنما يتطلع إلى إنتصار عسكري .

في عداد هؤلاء المراقبين  الخبير في شؤون الشرق الاوسط  الدكتور إميل نخله الذي توقع مسبقًا إنهيار المفاوضات  للإعتبارات التالية:

– تضمن قرار مجلس الامن  2254 الذي تعقد المفاوضات بموجبه عدة بنود بينها وقف القصف العشوائي، رفع الحصار، السماح بمرور المساعدات الإنسانية، إطلاق سراح السجناء السياسيين. المعارضة طالبت بتطبيق هذه البنود  الوفد الحكومي السوري وروسيا إتهما المعارضة بأنها تضع شروطًا مسبقة للمفاوضات بهذا الطلب.

-عدم دعوة داعش والنصرة إلى المفاوضات مع أنهما يسيطران على نصف البلاد تقريبًا، كما أن غياب ممثلين مباشرين عن الإكراد له تفاعلات سلبية.

-الشكوك القوية بالتزام الإسد بإجراء إنتخابات حرة ونزيهة حسب المعايير الدولية، تؤدي إلى إنهيار نظامه، ويقول نخله في هذا الصدد: «بعد تدمير بلاده للبقاء في السلطة  يستبعد أن يتخلى الأسد عنها بطريقة سلمية»، ويضيف: “لا يوجد حل سياسي في سوريا بالرغم من نوايا دي ميستورا  الطيبة والآمال المعلقة عبر القرار 2254. الحل العسكري فقط يؤدي إلى سقوط الأسد وإحتواء داعش وإبعاد الإرهاب  عن المنطقة وعالميًا”.

مشهد ضبابي سوداوي

0,,19008625_303,00

فد يندرج هذا المشهد  الضبابي السوداوي  في إطار لعبة التفاوض ومقتضياتها، فالوفود المعارضة تضم قوى فاعلة على الأرض تضم معتدلين وإسلاميين متصلبين ما يعطي المفاوضات صدقية وجدية، وذلك بخلاف مفاوضات جنيف 2 التي جرت قبل عامين وباءت بالفشل نظرًا لأن  المعارضة التي شاركت فيها  كانت منحصرة  بمجموعات من الشخصيات السورية  المقيمة خارج سوريا  ولا تملك تأثيرًا على التطورات الميدانية، لكن الامر أكثر تعقيدًا، فإذا كانت نقطة الضعف في المفاوضات السابقة قد تمثلت في غياب القوى المعارضة الفاعلة فإن نقطعة الضعف في المفاوضات الحالية تتمثل في تفرق القوى واختلافاتها وأكثر من ذلك.

كتوطئة لفهم المشهد المعقد وما آلت اليه الامور في جنيف من المفيد التذكير في هذا السياق  ببعض  التشكيلات ومواقفها:

– الهيئة العليا للمفاوضات: أبصر هذا الائتلاف النور في الرياض في كانون الأول الماضي. منسقه العام هو السيد رياض حجاب من مواليد دير الزور التي يسيطر عليها داعش حاليًا، وقد تولى منصب رئيس الحكومة السورية لمدة شهرين قبل أن ينتقل إلى صفوف المعارضة  في العام 2012. ينتمي إلى الائتلاف الوطني للثورة السورية  التي شاركت في جنيف –  2. إنتقد المفاوضات حت اللحظة الأخيرة ووصفها بأنها خطوة روسية إيرانية.

تحظى الهيئة التي تتخذ من إسطنبول مقرًا لها بتأييد الرياض وواشنطن والإتحاد الإوروبي.

من الشخصيات البارزة في الهيئة محمد علوش من جيش الإسلام الذي يعتبر من أقوى الميليشيات المعارضة في ضواحي دمشق  وأسعد الزعبي وهو عقيد سابق في الجيش السوري ويتولى حاليًا قيادة الجيش السوري الحر في جنوب سوريا. يحظى هذا التنظيم بدعم أميركي.

-الإتحاد الديموقراطي الكردي: القوة الكردية الرئيسية في سوريا. الميليشيا التابعة له تسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا قرب الحدود التركية. لم تتم دعوته إلى المفاوضات لمعارضة تركيا التي تعتبره إمتدادًا لحزب العمّال الكردي  الذي تخوض حربًا ضده فيما أن روسيا راغبة بذلك إذ ترى أنه  من المستحيل الوصول إلى سلام بلا الأكراد. الولايات المتحدة  تعتبره منظمة إرهابية لكنها تتعاون مع المقاتلين الأكراد في سوريا.  كما تعترض الهيئة العليا للمفاوضات على حضور ممثلين عن الأكراد  بإعتبار أنها الممثل الوحيد للمعارضة. لكن روسيا تنوي استثمار وجود علوش في صفوف وفد المعارضة  للدفع بإتجاه قبول رئيس الإتحاد صالح مسلم في المقابل، وترى أن وجود بعض الشخصيات الكردية في الوفد المعارض لا يمثل تمثيلًا صحيحا الأكراد وأنه أشبه بوجود أكراد في الحكومة التركية فيما تخوض ضدهم حربًا لا هوادة فيها.

“أخجل من بعص الأسماء

Cartoon. Terrifying terror. US. Israel. Daesh ISIS. UN. Syria. #1ab

كما  ينبغي التطرق  إلى عدد من القوى المعارضة خارج الهيئة العليا للمفاوضات و في مقدمها:

– مجلس سوريا الديموقراطية: تأسس حديثًا  وتمت دعوته  إلى المفاوضات. رئيسه المنشق السوري والناشط في الحقوق الإنسانية هيثم المنّاع الذي قبع سنوات عديدة في السجون السورية  لمعارضته نظام الأسد. عرف بمعارضته اللجوء إلى السلاح والتدخل الخارجي وتعاطفه مع الأكراد. مقيم حاليًا في جنيف، وفي حديث هاتفي أجرته معه صحيفة النيويورك تايمز أعلن: «على السوريين أن يختاروا من توجه إليهم الدعوة . أنا أمثل 22 حزبًا  و70 ألف مقاتل  على الأرض. أشعر بالخجل من الجلوس مع بعض الإسماء على الطاولة نفسها « .

من بين الشخصيات البارزة في المجلس قادري جميل، الذي تولى منصب نائب رئيس الحكومة السورية، ويعتبر مقربًا من روسيا،  ورندا قسيس  السورية الفرنسية رئيسة حركة المجتمع التعددي، والناطق السابق بإسم وزارة الخارجية السورية  جهاد مقدسي.

ذئاب في ثوب حملان

-أحرار الشام: من التنظيمات الإسلامية القوية.حضرت إجتماعات الرياض التي إنبثقت عنها الهيئة العليا للمفاوضات إلا أنها إنسحبت من ولم تنضم إلى الهيئة. تلقى دعمَا من تركيا وبعض الدول الخليجية. عارضت روسيا بقوة مشاركتها ومشاركة جيش الإسلام في جنيف 3 ووصفتهما بأنهما ذئاب في ثوب حملان.

مع ذلك يرى العديد من المراقبين أن المفاوضين السوريين ليسوا سوى لاعبين صغار وأن قوى كبرى وإقليمية نافذة هي التي تتحكم بمسار المفاوضات وستكون لها الكلمة النهائية، وربما على ضؤ مصالحها الذاتية وليس  المصلحة السورية. إن إستعراض هذه القوى ومواقفها يساعد على تظهير المشهد في صورة أكثر وضوحًا.

2016-01-29-ستافرو-جبرا

الولايات المتحدة: تعتبر إدارة أوباما أن إستمرار الحرب في سوريا يوفّر تربة خصبة لتنامي قوة داعش  وإنتشارها في المنطقة، كما أنها تريد الرد على الإنتقادات التي وجهت إليها بأنها لم تقم بجهد كاف لتلافي ما جرت إليه من مآس إنسانية، خصوصاً في البلدات المحاصرة التي يعاني قاطنوها من الجوع والنقص الحاد في الأدوية ولا يمكن إيصال المساعدات الطبية والغذائية إليها. الى هذين السببين يضاف سبب ثالث هو أن إدارة أوباما هي في سنواتها الأخيرة وتحرص على أن تكون  تركتها جيدة.

روسيا: المفاوضات تمثل فرصة لروسيا تعيد الإعتبار اليها كدولة محبة للسلام. كما تحتاج روسيا إلى المفاوضات كمخرج لها ينهي تدخلها العسكري في سوريا.

المملكة العربية السعودية:  السعوديون مهتمون بإيقاف القصف الجوي الروسي، كما يرغبون بأن يبينوا للعالم أنهم يعطون فرصة لمفاوضات السلام، فإذا فشلت  ظهر الأسد إنه ليس جادًا بالوصول إلى حل سلمي، وأن حربًا شاملة هي الوسيلة الوحيدة لإسقاط نظامه.

تركيا: حققت كسبًا عابرًا بإبعادها  الإكراد عن طاولة المفاوضات،  لكنهم سيكونون في عداد المستفيدين في نهاية المطاف، فلا يمكن تجاهل أنهم يسيطرون على مناطق واسعة،  كما أنهم يلقون دعم الولايات المتحدة وروسيا معًا. كذلك يستبعد أن تؤدي المفاوضات إلى أسقاط الأسد، وهو من الأهداف الرئيسية التي تشاركها بها  السعودية، لا لقوته الذاتية، وإنما لمساندة روسيا وإيران له. لعل الحافز الوحيد لقبولها بالمفاوضات هو الحيلولة دون تصاعد التوترات بينها وبين روسيا.

إيران : إيران مصممة على الحفاظ على موقعها قي سوريا ما يسمح لها بدعم أكبر لحزب الله التابع لها، وترفض رحيل الأسد إلا عبر صناديق الإقتراع.

أوروبا : ينوء الإتحاد الاوروبي  تحت وطأة موجات اللاجئين من سوريا، ويخشى أن يؤدي إستمرار الحرب إلى تدفق المزيد منهم عبر المتوسط إلى الشواطيء الاوروبية، وإستنادًا الى التشريعات المعمول بها في الإتحاد لا يمكن رد الهاربين من الاضطهاد والحروب على أعقابهم، لذلك هناك مصلحة اوروبية بالإسراع بإيجاد حل لإنهاء الحرب في سوريا.

CaojtMZVAAE_KH-

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *