عطر وردة يفوح دمعاً في “غرفة مغلقة”

Views: 1405

لونا قصير

إن أتى الماضي لزيارتِك، لا تترُكْهُ يتمادى ويأخذُ ذُكرياتَك إلى غُرفٍ مغلقة، فينتابُكَ الحزنُ والإحباطْ. تحداه وافتحْ النافذة المُطلّة على الحياة، ليدخُلَ النورُ إليها، واترك أشعةَ الشمسِ تدغدغُ روحَك وتمدُّ أنفاسَك بأجملِ المشاهدِ الصادقة والمُحبة التي عِشتَها مع أحبائك وأصدقائِك. السعادةُ لحظاتٌ أو ساعاتْ، فلا يجب أن نترددَ في حياتِنا، وعند كلِ مناسبةٍ من استقبالِها لنُنعِشَ ذاكرتَنا بها، ونبتسمَ لها في الأوقات الصعبة..

يتهاوى العمر رويدًا رويدًا قبل رحلته الأبدية، آخذا معه في كل تنفس جزءا من أجسادنا الفانية..  هي دورة الحياة، كدورة الأرض لا تتوقف ولا مفر منها، فكل جيل يحمل  ممن سبقه ذكريات. لكن هناك استثناءات كثيرة تحصل خلال دورة الحياة الطبيعية.

في رواية غرفة مغلقة انعكست الأدوار. تكسرّت عقارب الساعة وتوقف الزمن، فمن يجب أن يتذكر رحل تاركًا  خلفه ذكريات لتصبح ملجأه الوحيد ويتخطى وجعه، كمن يفتش عن أريج عطر تبخر في ليلة ظلماء، فسيف الحنين والشوق، يخنق الأعناق، دون أن يبترها، و يلوّن الدموع بلون الدماء.

الملائكة أرواح، خفيفة وحرة، تجتاز مسافات الكون في ثانية، أسرع من سرعة الضوء، تحط حولنا بهدوء كتلك الريشة البيضاء التي أتت من حيث لا تعلم.. تتمايل أمامنا، نحاول أن نلتقطها، نلاحقها بنظراتنا ونرحل معها إلى الأفق البعيد. نسرح معها في الفضاء، يغرينا مشهد السحائب، بعد أن تجندت من أجلنا، خوفًا علينا من أن نستيقظ وسط مشهد تأمل، وويل للشمس إن تجرأت أن تلامس جسدنا، فموعد رحيلنا لم يحن بعد.. نبتسم ونمد يدنا لها من جديد، هي تبتعد وروحنا لا تزال معها.. لا تلبث أن تنتهي نزهتنا معها، نعود إلى أرض الواقع بأمان.. كل شيء في مكانه، جسدنا وروحنا.. نبتسم، ستعود من أجلنا زيارة أخرى، أو نحن الذين نرحل معها متى نريد عندما نشتاق إليها..

 في رواية غرفة مغلقة، أغلقت وردة أوراقها بهدوء تاركة خلفها ذكرى تحرق القلب، ورائحة عطر يفوح مع كل نفس حياة، تفتش عند بزوغ كل فجر عن قطرات ندى لتحتضنها،  فتنهمر الدموع على وجنتين غرقتا من الألم وقلب احترق حزناً. وحده الإيمان قادر على تخطي المأساة، والوردة مهما حصل لها ستبقى وردة وذكرياتها محفورة في الوجدان والقلوب..

الروح لا يهمها الغرف المقفلة، ولا نستطيع أن نأسرها. فهي حرة طليقة ترفرف في كل مكان.. مع مرور الزمن ندرك ان أرواحنا الحيّة هي التي كانت سجينة لها..

تدور أحداث رواية غرفة مغلقة بين لبنان وأميركا. من هو رائد؟ من هي روز؟ من هو داني؟ من هو جورج؟ أسماء عديدة ولكل منهم دور لا يقل عن الآخر أهمية، إلا أن رائد هذا الرجل الذي ولد في بيئة شرقية وعاش طيلة حياته في أميركا، لم يتخل عن شرقيته؟ ولم ينقطع حبل الصرة  الذي بينه وبين عائلته.. هل التاريخ يعيد نفسه؟ هل الحزن لا يكتفي ويدق الأبواب ذاتها؟ ما الفرق الذي حصل بين الماضي والحاضر؟

رواية درامية، لكن بالرغم من قساوة أحداثها، هناك رسائل عديدة انسانية، اجتماعية، واقعية، حقيقية…

أبطال عديدون ولكل منهم دوره ومواقفه وآراؤه، لكن رائد الرجل الشرقي، استطاع أن يدير اوركسترا الحياة بحكمة..

رواية “غرفة مغلقة” رسالة إنسانية من واقع الحياة مع الكثير من الخيال.. أترك لكم اكتشاف رسائل عديدة  يعاني منها المجتمع وهل ستبقى الغرفة مغلقة؟

****

(*) من مقدمة رواية تصدر قريبًا بعنوان “غرفة مغلقة”.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *