المهرّج ليس بين المتنفّذين

Views: 521

جوزف أبي ضاهر

لن أشوّه «سمعة» المهرّج في تشبيه بعض المتنفذين به.

لم يفعل أذيّة. لم يرتكب منكرًا، ولا مدّ يدًا لسرقةٍ أو نهبٍ، ولا تبوأ مركزًا لا يليق بغير الأنقياء.

فقط مرّت صورته أمامي في مسلسل تلفزيوني للصغار، (ليتهم يقبلون بي بينهم)، مرّت صورته فأضحك الجميع، وكاد يبكيني.

لمن يضحك المهرّج؟ هل حقًا يضحك أم يُضحك؟

لم يولد المهرّج، من أبٍ ورث منه القدرة على إخفاء وجهه تحت ألوان، كانت قبله، وساعدته في التستّر على حقيقة قد تكون ولدت معه، أو ربيت معه، أو رماه بها مَن لم يستطع أن يكون وحيدًا في عالمٍ يَظنّ أن الضحك يولد دائمًا من أُمٍ ما قاربها الفرح، وبرغم ذلك، أنجبت مولودًا مؤهّلاً لأن يقف في وجه الجميع بوجهٍ يرسم الفرح.

هو سرق ألوانه من علب أولاد صغار كانوا يلعبون بها في الشمس.

أخذتهم الشمس، وتركت ألوانهم فوق التراب…

تراب الأرض، أم تراب الوجوه؟

الفرق بسيط جدًا، ما دام الفرح لا يأتي إلينا متنكّرًا بألف لون ولون، بألفِ وجهٍ ووجه، بألفِ كذبةٍ وكذبة، ربّما الأخيرة هي الأصدق الذي ما عرفنا كيف نتعامل معه، كيف نحافظ عليه، كيف نتمسك به، فتركت في عراكٍ مع الحياة الناطرة وجه مهرّج جديد يفكّ عقَدَها، لتصبح مرآة ذاتها حين لا ينكسر الوجه كرمى لاحتيال لوني آتٍ من الأحزان.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *