سجلوا عندكم

فيروز والبسطاء

Views: 294

د. جان توما

غنّت فيروز وجوه البسطاء الذين صنعوا الوطن بعرق جباهم، وقوّة سواعدهم حيّث المهن الكبيرة، وهي اليوم مصنّفة وضيعة.

 لقد غنّت فيروز ل”يوسف الكندرجي، صبحي بيّاع الكاز وأمين البوّاب اللي انقتل ع الباب، أساميهن عندي و هني راحوا”.غنّت لهم ليبقوا في الذاكرة والبال. هذا هو وطن الرحابنة: الناس البسطاء الذين يحلمون بالآتي الجميل فيما يمضغون كسرة خبز  مغمسة بالعرق والبويا والكاز وليالي الانتظار . (Alprazolam)

ماذا بقي من الوطن الرحباني؟ ما هي أحوال “قمر مشغرة” و”وادي التيم”؟ وحجارة عكار زمن فخر الدين؟ وجبال الصوّان؟ وغيرها من تلك المشاهد التي تركها لنا الرحابنة في قلوبنا وعقولنا. لم تعد “كحلون” تردّ على الاتصال و”المحطة” اشتاقت للقطار و”ميس الريم” صارت أغنية “يلي راحوا” وساحة الضيعة “طحشت”عليها البيوت والمحلات.

ضجر حبيبي من الانتظار بعد ما” قلي انطريني برجع بأول الصيف” وراح الصيف وضاعت الفصول وما قدرت” احبس حبيبي بخاتم”.

تغيًر العالم بعد رحيل الأخوين رحباني وبقيت فسحة الأمل: فيروز بصوتها وحضورها وغيابها. هو الصوت الذي يعيد خربطة البشاعة في هذا الزمن لجمال ما جاء به الوطن الرحباني الذي ما زالت دروبه وقادومياته وكروم العنب تتفيأ شمس الذكريات.

أيعود” راجح” ولو كذبًا؟  و”سبع” “المارق ع الطواحين”و”جدي بو ديب” في “ليالي الشمال الحزينة”. كانت الناس ناسًا حينها قبل أن يصيروا” ناس من ورق”. هل ما زالت الطبيعة كما كانت؟ راح الغروب والراعي والمنجيرة والتلال ولم نعد نقشع “القمر جارنا” وضاع “طريق النحل” منذ توقفت العاشقات عن تطريز مناديل السفر حيث “العمر شراع مسافر”.

خلّيك فيروز في بؤبؤ العين كي تبقى الصبايا يكزدرن على طريقه، يملأن الجرار من ماء الذكريات كي تبقى الأحلام في مرمى القلب كي لا يتعب الفؤاد من الرّحيل إلى حيث البال “العاصي” ،وليل العاشقين” المنصور” في “فيروز عطر الليل”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *