حكومةٌ “مسيَّرة” في قصر الأمير

Views: 339

 الوزير السابق جوزف الهاشم

إعتداءٌ إسرائيليّ على الضاحية ، وطائراتٌ مسيَّرةٌ في الفضاء ، وعلى الأرض غباءٌ وبلاء … همومُ مالٍ واقتصادٍ وعجْـزِ موازنات …

قذارةُ نفاياتٍ على الأرض ، وقذارة ُنفاياتٍ في السلطة .

  حسناً كانت دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد في قصر بيت الدين ، لعلَّ الذين نشأوا على الحليب المجفَّف يتذَّوقون طعم حليب السباع ، ولعلّهم يكتشفون مجنوناً يستطيع أن يعالج أزمـةً مستعصية من مـاءٍ أو كهرباء ، على غرار ذلك المجنون الذي جـرَّ المياه الى قصر بيت الدين .

  وفي قصر بيت الدين تشْخَصُ الهامة الكبرى مثالاً يُحتذى لوحدةٍ وطنية عريقة تتخطى عصبية الأديان وصراع المذاهب ، إنه الأمير بشير الثاني الذي يقول فيه الدكتور فيليب حتّـي “كان مسيحياً بالمعمودية ، مسلماً بزواجه ، درزياً لدى أعوانه وابتـنى قصراً يفصل بينه وبين دير القمر كنيسةٌ وجامع …”

وهكذا كان شأن معظم الأمراء الشوفيين وفي طليعتهم الأمير فخر الدين الثاني ، وقد اختلف المؤرخون حيال مذهب بعضهم في الدين كأنهم كانوا ينتسبون إلى جميع الأديان والملـل .

وفي قصر بيت الدين ، وفي ظـلّ ما يخيم على البلاد من أجواء خارجية وأهواء ، لا بـدّ من أن يُستوحى موقف الأمير الوطني في العلائق الخارجية ، فهو حين قدّم الخمور اللبنانية والتين والزبيب لجيش نابوليون ، ليس بوصفه جيشاً أجنبياً ، بل لأن هذا الجيش كان يزحف الى فلسطين لمحاربة العثمانيين وأحمد باشا الجزار .

  لعلّ مجلس الوزراء في ذلك القصر التاريخي يتذكّر أنَّ الأمة المتخلّفة لا تُنْـجب العمالقة .

*** 

عائلة باسيل وحرف “الياء”

دعوةٌ ثانية بالغة الأهمية ، هي دعوة الأحزاب الى اجتماع اقتصادي في قصر بعبدا لتحصين “القرارات الموجعة” بسبب الإختلاسات الموجعة .

قصّة معالجة الداء بالداء قد تصحّ مع خمرة أبي نواس لا مع السياسيين السكارى .

الأحزاب : هي المسبّب والفاعل والمتورّط في المعاناة الإقتصادية ، والإستنجاد بها هو الوجه الهزلي للمأساة التي نحن فيها :

الحزبُ النازي الإلماني لم يتوصّل الى الحكم إلاّ بفضل الإنهيار الإقتصادي وتضخّم عدد العاطلين عن العمل بعد أزمة “1929” .

والحزب الشيوعي في روسيا لم يتمكن من قلب الأوضاع السياسية إلا بسبب الإنهيار الإقتصادي والفساد السياسي .

والحزبان كلاهما لم تقُـمْ زعامتهما على بحور من الدماء فحسب ، بل على اغتيال كل الفضائل “الموجعة” : النزاهة والشرف والكرامة والقيم والإستقامة والوطنية والأخلاق .. وتـمّ تخدير الشعب “بأفيون” التضليل والتدجيل والتحايل والأوهام والـروح الشريرة، فأصبحتِ الطهارةُ فضيحةً ، والفضائحُ فضائل ، وفي سوق البغاء تصبح البتول هي الزانية .

إنها خاطرة تاريخية معاذ الله أن يكون في لبنان ما يشبهها ، ولكن … لماذا تكون القرارات الموجعة دائماً على حساب الشعب الموجوع ..؟

هل فكَّر الذين راحوا يتطاولون على فِلْسِ أرملةِ شهيدٍ عسكري ، أن يمنحوا الخزينة فلساً من رواتبهم المشبوهة ..؟

قرأت أنّ الوزير جبران باسيل أعـدَّ مشروع قانون لاسترجاع الأموال المنهوبة .. إن استطاع أن يحقق هذا المشروع ، فأنا لن أصفق له لأنني لا أُحسِنُ التصفيق للحكام ، بل سأكافئه بما أُحسنُ من علم اللغة فأحذف حرف”الياء” من إسم عائلة باسيل تقديراً للمجهود المبذول من أجل شعب لبنان العظيم .

وإلاّ … كفى ، أنْ نعرض أرضاً للبيع في الفردوس .

****

(*)  جريدة الجمهورية 30/ 8/ 2019.

 

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *