لن أبكيك يا حسين!…

Views: 448

الشريفة رشا عماد الأمين

رفعت مناشير ويافطات السواد يا حسين تقول كما في كل ذكرى لك : “يا حسين أدركنا”…

من عليه إدراك من؟ الحي الذي يحيا في عالم الحق ام الاحياء الاموات الذين يرزخون تحت وطأة الموت البطيء؟ ذكراك يكون في السعي لادراك كنه روحك الكبيرة ومعاني جهادك واستشهادك العظيم…

فلا ليس لك أن تدركنا…نحن إن أردنا حقا إحياء ذكرى نصرك على الموت لانك غلبت الموت بالموت بكامل إرادتك وبإقدام لا مثيل له سوى من سبقك عليه سيدنا المسيح عليه السلام…

فكلاكما ذهبتما طوعا لا إكراها إلى اصعب الدروب وكلاكما ما زلتما تنزفان الدم بحكم البشر المحدود المحدود…

شهادة الكبار والعظام من المختارين هي اعظم وأكبر بكثير من الدم، فالدم هو المعبر الذي لا بد منه لكنه النبع الذي يطهر آثار الجهل ويوعز للمحدود باللامحدود…

الدم هو انعكاس مكثف للنور السرمدي الذي لا تراه اعين البشر التي تشوبها غشاوة الجهل، من يعلق في مقام الدم والبكاء على الجسد، كيف له ان يرى النور الرائع الذي يسطع عند قيامة الروح وكيف لأذنيه ان تسمعا أبواق النصر الالهي التي تملأ السماوات تهليلا بالروح العظمى ذات المقام العالي في عالم الارواح اي عالم الحق والحقيقة؟…

فمن لا يسعى أن يدركك بروحه وقلبه يا حسين سيبقى يذرف الدمع دون جدوى…اي دون استيساغ بحق معاني ثورتك العظيمة ومكامن روحك الفذة لتكون له مثال القوة والحكمة والعطاء… لا ان تتحول الى ايقونة، ولا رأسا ما زالوا يعلقونه على الحربة المشؤومة الظالمة وكأنهم بهذا الفعل يثبتون قوة الظلم: من كانوا وما زالوا أنصار الظلام….

الجهل هو في جهل السعي للارتقاء بأرواحنا حين سبقنا المجاهدون الكبار أمثالك يا حسين يا سيدنا وحبيبنا ومعلمنا وقدوتنا في الحق وبذل الذات لله سبحانه تعالى…

الجهل هو في تحويلك الى أيقونة جامدة نجثو أمامها ونلطم صدورنا ونبكي بكاء معظمه قد يكون على ذواتنا ومشاكلنا واوجاعنا التي وصلت حد الانفجار. لكننا بدل ان نقوم ونثور على الظلم والظالمين نبقى كما نحن منذ ان تركت هذا العالم البائس…

فلا تدركنا يا حسين يا ابن أمير المؤمنين وحفيد حبيب الله (عليهما السلام والاكرام)، لا تدركنا في جهلنا وتقهقرنا وعداءنا لذاتنا ولإخوتنا في الانسانية ولأنانيتنا….

نحن…نحن من عليه إدراكك كل يوم دون انتظار دخول شهر محرم وذكرى عاشوراء…

نحن من علينا التنبه المتواصل لاهمية وضرورة الثورة التي نبدأ بها أولا، بالثورة على الجهل الذي يغلف ذاتنا وعقولنا وقلوبنا…وحينئذ قد ندرك أسمى المعاني التي أطلقتها ثورتك التاريخية الازلية التي زلزلت السماوات والاراضين…

شبه لهم (اي لابناء الظلام) انهم بقتلك قد قتلوا منك الروح وقضوا على الامانة الكبرى اي الرسالة السماوية، تماما كما شبه للذين صلبوا روح الله السيد المسيح…

نعم المسيح صلب، لكن شبه لهم صلب الروح والقضاء على الرسالة العظمى وفي كلتا الحالتين بزغ فجر آخر مختلف بأنواره الساطعة اللا مرئية للكثيرين من البشر…الذي أدركه حينها، وما زال يدركه حتى اليوم كل من عاد الى هذا العالم ليكون في ركابه ومن أعوانه ومن أنصاره ومن تلاميذه ومن معلميه فكان لهم بمثابة “الطريق والحق والحياة”…

بئس البشر الذين يلوثون هالة أجسادهم وهالة أمنا الارض بشتى الافكار والإنفعالات السلبية التي تتجمع مثل نفاياتهم الارضية وتخلق لهم قنوات مظلمة لا يرونها ويدركونها سوى عند موتهم وانتقالهم الى عالم الحق والحقيقة فيدخلون ” النفق المظلم الأسود” قبل عبورهم ووصولهم الى النور الساطع واستقبال الملائكة لهم…هذه الانفاق السوداء التي اندحرت حين استشهادك يا حسين انت وعترتك واهل بيتك الطاهرين وأصحابك أجمعين، فقد جعلتم في الأثير ممرا آمنا للارواح النيرة…

لن أبكيك يا حسين…

وسلام عليك أسمى سلام من قلبي وروحي الوارثين دمك ودم عترتك الطاهرة،

ساعدنا لإدراكك كل يوم وكن لنا المرشد اللامرئي لمسيرتنا في هذه الحياة الظالمة…

وعلى الارض السلام لكل شهيد وشهيدة من الارواح الكبيرة الذين قدموا أجسادهم قربانا على مذبح الارض منذ كورت، لنصرة النور والحق والحقيقة…

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *