بعائلة واحدة وجوقة واحدة وكنيسة واحدة

Views: 570

مازن ح. عبّود

 وقفوا جميعا ينشدون وقد اريد لهم ان يكونوا صورة عما يتوجب لانطاكية ان تكون عليه. كانوا يمثلون ابرشيات الكرسي التي تتلو بتناغم وتنسيق الحانا سماوية. كان ترتيلهم حوار الملائكة وتناغمها في خدمة العرش السماوي. فكانّ الملائكة ارادت عبرهم ان تظهر اصوات الجماعة التي يجب ان تطغى على كل اداء منفرد مهما جاد الا اذا اتى كي يكمل انشودة الجماعة. وما بين الصورة تلك والواقع تحديات ووهاد وبقاع وادوار اسوار منيعة اكثر من حائط الصين العظيم وفهم ادوار على ضوء التقليد او الممارسة او الافاشين. لأول مرة تنشد انطاكية كحديقة واحدة تزينها ازهار غالبية الابرشيات المقيمة. صورة نريد لها ان تكتسب جودة من واقع نتمنى ان يكون كما رسمته تلك الجوقة.

وقف اخوتي الذين لم تلدهم امي وابي لكن جرن المعمودية الواحد عائلة واحدة كما يجب ان نكون جميعا، ورتلوا معا للحب والزواج، وعلى نية الاسرة. وقد صرنا نتوق الى نعود اسرة تتشاور وتفكر معا وتتدارس وتعمل معا. 

وقفوا كرمز لعائلة كنيستي كي يترجموا عنوان دورة مجمعية اتخذت العائلة موضوعا لها. دورة تكلم فيها عن العائلة مختصون وندرت فيها مشاركة المتزوجين. عنوان دورة المجمع موفق، وضروري وملح في هذا زمن الاستنساخ والابواب الرديفة للاستحصال على الاولاد بعد ان الغي الحق الحصري الشرعي لتلك المؤسسة المقدسة باستيلاد ابناء الحياة. فالعائلة تستأهل النضال في سبيلها كي تسلم ويسلم السلم والعالم. تنمحي الكنيسة اذا ما زالت العائلة ويزول العالم بنسخته الحالية وتهجر الانسانية الحضارة. لذا، فالعائلة لن ولن تزول لانّ الخير لا يزول. ومن يمسك بكنيسته يعرف بانها عائلة مؤلفة من اب وام واولاد يتفانون في سبيل بعضهم البعض ويتصلون بغيرهم بنظم حياة مبنية على الطريق والحق والحياة.  

نعم الحضارة لا تعود انسانية اذا اهتزّت العائلة وتقهقرت وتراجعت ادوارها وتفرفطت. احببت في ذلك الجوق سباحته عكس التيار. فكأنه بذلك يقول بأننا اللاصق في عصر الفرفطة والتشرذم والضياع والفردية. جميلة هي المناخات العائلية وفسح النغم والصلاة والارتياح التي بدأت تتناقص، والتي بانت في ذلك المساء فسحة نغمية عبرت بنا من العهد القديم وصولا الى يومنا. انغام جعلتنا نصلي. لم افتكر في تلك الفسحة الزمنية لا بل بالعصر وبوابات التكاثر الجديدة. انما تأملت في سر الانجاب والولادة، وجودة العيش والنشأة في عائلة بنيت ببركة الزواج. البركة وكم صرنا نفتقر الى البركة والتسليم!

رتلوا للزواج ولكل الازواج القديسين. والاباء القديسون والامهات القديسات صاروا قلة.  “اطعمني نظما وايمانا ومحبة واحلاما واستقرارا. وخذ مني ما يدهش الكون يا ابي”. كلمات قالها لي ولدي الصغير. فكان ان ابلغته بانّ مازال في الكون آباء وامهات.

لا تعود الكنيسة كنيسة اذا ما فرغت من الآباء والامهات الحقيقيّن ولن تفرغ بنعمته.

أترى من قال بأنها ليست بعائلة الحق والنور في هذا العالم؟ 

الكنيسة عائلة تغذيها الاخوة والامومة والابوبة. وكل عائلة هي كنيسة الحب المجبولة خدمة وتضحية حتى حدود افناء الذات. لن نصعد السلالم ان لم نعد عائلة.

عرفت اجدادا وآباء وامهات اقتحموا السموات. حملوا بذار الصلاح الى ازمنتنا لا بل حملوا العالم. لم تعلن قداستهم لكن من خلقهم يعرفهم. ورتل الجوق “ما هو الانسان حتى تذكره وابن الانسان حتى تفتقده. من يجد زوجة يجد خيرا… اكثر الرجال ينادون كل بصلاحه امّا الرجل الامين فمن يجده…الخصام انما يصير بالكبرياء”. رمى الجوق بذار الكتاب انغاما على مسامع الحضور. فصفق لهم البطريرك والاباء والمجمع والحضور. رسموا صورة لا نريد لليل ان يمحوها فتزول. مضيت وانا افكر في الارثوذكسية وروعة الالحان. مضيت وانا افتكر بالصورة النغمية والواقع والمرتجى والعائلة والاستنساخ والانجاب والتكاثر. مضيت وانا انشد في سري : ” ما هو الانسان حتى تذكره وابن الانسان حتى تفتقده؟ من نحن وهل حقا نستأهل جودة ما اعطينا وبماذا نتلهى وهل ستبقى لنا عائلة كبرى وصغرى لولا رحمتك ومحبتك لنا؟”.

شكرا غبطة البطريرك على المبادرة وشكرا جوزف، وشكرا لإخوتي في الجوق على الاداء والمثال، على امل ان تصير الصورة واقعا فلا يندم من خلقنا على صنعنا.

 

 

***

 

(*) وكالة أخبار اليوم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *