حذار المماطلة

خليل الخوري 

خطوة ثانية، مهمّة، تُتخذ تحت وطأة مطالب الانتفاضة الشعبية. فاستقالة الحكومة التي وضعها الرئيس الحريري «بين يدي فخامة الرئيس» ما كانت لتحدث لولا الحراك  في الشارع، وكانت قد سبقتها ورقة الإصلاحات التي أعلنها الرئيس سعد الحريري من قصر بعبدا إثر اجتماع عقده والرئيس ميشال عون.

ويأمل اللبنانيون ألاّ يكون مصير هذه الخطوة المهمة مشابهاً لمصير سالفتها (أي ورقة الإصلاحات) التي كانت المطلب الأوّل للحراك في الشارع. ولما تمّ التوصل إليها لم يعتبروها كافية.

استقالة الرئيس سعد الحريري رافقتها بضعة تطورات:

أولاً – ما حدث في ساحة رياض الصلح وعلى «الرينغ» من تدخل مجموعة تولّت إزالة شعارات الثورة في  هجوم موصوف.  كما أخرجت المتظاهرين من هذين الموقعين… قبل أن يعودوا إليهما بعد انسحاب المهاجمين.

ثانياً – الرئيس الحريري قال من بيت الوسط إنه يضع الاستقالة «بين يدي» رئيس الجمهورية. ولم يضف على البيان المقتضب الذي أدلى به هناك. وبعدما قدّم الاستقالة خطياً في قصر بعبدا لم يدلِ بأي كلام. ما طرح أسئلة في الواقع الدستوري بعد الاستقالة. في الدستور اللبناني تحدّد المادة 69 كيف تكون الحكومة مستقيلة. ودون  الدخول في مختلف النصوص نشير الى أن البند الأوّل في هذه المادة يعتبر الحكومة مستقيلة عندما يقدّم رئيسها استقالته.

ولا يشير الدستور من قريب أو بعيد الى قبولها أو عدم قبولها من رئيس الجمهورية. وبالتالي فالحكومة الحالية باتت مستقيلة حكماً. وتحوّلت الى حكومة تصريف أعمال.

ثالثاً –  فشلت (في الأيام الثلاثة الأخيرة) المحاولات كلها للتوصل بين قصر بعبدا وبيت الوسط الى صيغة يؤدي الاتفاق عليها الى تأجيل الاستقالة. فبات قرار الحريري حتمياً.

رابعاً – الرئيسان ميشال عون ونبيه بري وسماحة السيد حسن نصرالله ضدّ الاستقالة. فماذا سيكون موقفهم من: نوع الحكومة البديل: سياسية؟ مختلطة؟ تكنوقراط؟

خامساً – ثمة تخوّف من تعثر تأليف الحكومة بالرغم من أنّ الاتجاه هو الى تسريع إجراءات تأليف حكومة جديدة خلال أيام معدودة.

سادساً – حتى ليل أمس كان الرئيس الحريري لا يزال المرشح «الفاڤوري» لرئاسة الحكومة الجديدة. وذهب البعض الى القول إن ثمة اتفاقاً مسبقاً على التفاصيل كافة.

سابعاً وأخيراً وليس آخراً – إذا تأخّر  تشكيل الحكومة الجديدة يكون لبنان قد دخل لبنان فعلاً في المجهول. وهذا ما لا يتمناه اللبنانيون ومحبّو لبنان.