حذار المجاعة

Views: 639

خليل الخوري

أن يكون الدولار قد «شَطَحَ» هذه القفزات العالية فهذا واضح ومعروف وإن لم يكن مقبولاً ومفهوماً، خصوصاً أنّ «السوق الموازية» (التي يسميها  البعض السوق السوداء») مغايرة بنسبة كبيرة عن السوق الرسمية المعتمدة في البنك المركزي وسائر المصارف ومختلف إدارات الدولة. علماً أنّ لا سقف منظوراً للمدى الذي يمكن أن تبلغه العملة الخضراء.

ولكن هذه الأزمة المالية كشفت  إلى أي حد يمكن  أن يبلغ الجشع المتأصل (من أسف شديد) في النفوس الذي يصح فيه ما يردّده الناس في المتاجر وهم يقفون، مخذولين، أمام أسعار السلع على خلافها… فيكتفون بالكلام المرّ: «صار اللبنانيي عمياكلو بعضن».

وهذا صحيح إزاء هذا الإنفلات الكبير في الأسعار الذي يدل على جشع غير محدود وعلى سعي للربح على حساب الفقراء والجوعانين وذوي الدخل المحدود الذين بالكاد يستطيعون توفير متطلبات الحياة لأيام معدودة من الشهر.

إنهم يتذرعون بإرتفاع الدولار إزاء الليرة ليرفعوا أسعار  الخضار والفاكهة من ربطة البقدونس إلى الفجل إلى البطاطا إلى البرتقال فالليمون فالتفاح. فأين دور الدولار هنا؟

السيجارة اللبنانية التي يلجأ إليها الكثيرون من اللبنانيين نظراً إلى تمايز سعرها عن سعر السجاير المستوردة، سجلّت إرتفاعاً كبيراً جداً أيضاً غير مقبول وغير مفهوم. مع العلم أن لبنان بلدٌ يصدّر التبغ قبل تصنيعه ولا يستورده. وبالتالي فالسيجارة اللبنانية هي إنتاج الأرض اللبنانية… فلماذا هذا الإرتفاع القوي في سعرها؟!

واليوم يطرحون زيادة سعر ربطة الخبز…

وأما إرتفاع الأقساط المدرسية فأمر بالغ الأثر.

والدواء إلى مزيد من الإرتفاع…

ويمكن المضي في سرد الأمثلة من دون حدود…

هذا في ما يتعلق بالسلع التي هي «صناعة لبنانية». أمّا السلع المستوردة فحدّث ولا حرج. إذ لا حدود للجشع الضارب أطنابه. «كل من يشيل»… فلا رقابة جدّية أو شكلية، ولا حكومة تصريف الأعمال تصرّف الأعمال، حتى ليصح فيها القول إنها مستقيلة حتى من تصريف الأعمال، إذ ليس في الدستور وسائر القوانين والأنظمة ما يمنعها من الإجتماع لمتابعة أوضاع الناس في مسار الحياة اليومي ومتطلباته… وكنا كتبنا، هنا، ونكرر اليوم: ماذا يمنع  الإتصال بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المستقيلة للبحث في هذه القضايا العاجلة، لأنّ المِلَقّ فالت على غاربه، ومعاناة الناس تتضاعف… والمجاعة (بالمعنى الحقيقي للكلمة) تدق الأبواب بقوة. وهذا كلّه لا يثير أي رد فعل لدى المسؤولين الغارقين في وحول البحث عن كيف يمكنهم أن يكونوا أصحاب دور، أقله أصحاب حضور، في طالع الأيام إذا حققت الثورة إنتصارها.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *