مؤتمر لـ “ملتقى حوار وعطاء بلا حدود” عن السياسات المالية للمصارف وكلمات تركز على أهمية الرقابة ومحاربة الفساد

Views: 694

نظم “ملتقى حوار وعطاء بلا حدود” مؤتمرا بعنوان “السياسات المالية للمصارف في لبنان: ما بين الهندسات المالية للمصرف المركزي وحماية ودائع اللبنانيين”. ناقش التوجهات الأساسية للإدارات المالية المعنية والجوانب القانونية والخطط والإجراءات الإدارية الواجب إعتمادها.

حمود

بداية تحدث منسق الملتقى الدكتور طلال حمود فعرض المراحل التي مر بها الحراك الشعبي ومطالبه ولفت الى أن “الهندسات المالية لمصرف لبنان هي التي برأي الحاكم (رياض سلامة) قد حافظت على الإستقرار المالي ومنعت بحسب المدافعين عن هذه السياسات غلاء المعيشة وإرتفاع أسعار السلع والإحتياجات وما هو مدعوم وما هو غير مدعوم من الدولة اللبنانية، إلا أن هذه الهندسات المزعومة وبحسب آراء عدد كبير من الخبراء قد رتبت على البلد أعباء كبيرة كانت في الغالب لمصلحة المصارف وعلى حساب خزينة الدولة والمودعين لأن المصارف قد أمتنعت عن الإستثمار في الاقتصاد الوطني وجنت الأرباح الطائلة على حساب الخزينة وعلى حساب الشعب، وأوغلت في سياسة تقاسم الأطماع من جيب المواطن وساهمت بإزدياد الأعباء فخلقت جوا من التنافس الهدام والسلبي لتقول لنا المصارف في نهاية المطاف: لا تستطيعون سحب ودائعكم”.

بعد ذلك، قدم الدكتور حمود برنامج اللقاء الذي كان بإدارة الباحث والكاتب الدكتور مخايل عوض و الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية المحامي الدكتور علي زبيب.

عوض

وكان لعوض مداخلة قال فيها: “بعيدا عن الجدل القائم في جنس الملائكة وتبادل الاتهامات والاوصاف في الحراك ومن يقف خلفه واهدافه، فالحراك فجرته الطبقة السياسية بممارساتها وتعسفها وفسادها واجراءاتها وما خلفته السياسات من ازمات عميقة وحالة افلاس معممة، الا ان الحراك خلال السبعة والاربعين يوما الماضية أرسى حقائق ومعطيات مادية من شأنها ان تتحول الى معطيات حاكمة في مستقبل البلاد. ومنها ان تظاهرة امهات عين الرمانة الشياح أكدت تحرر الشعب وجيل الشباب من العلب الطائفية والتهويل بالحروب وخطوط التماس. كما ادى الحراك الى إبراز حقيقة انتفاء قدرة الطبقة السياسية على إدارة تناقضاتها وفسادها وتسوياتها”.

زبيب

أما زبيب، فشدد في كلمته على “أهمية زيادة التوعية والتثقيف لدى المودع لناحية معرفة حقوقه القانونية في ظل تعنت المصارف”، وشرح الدرجات المختلفة للتقدم بالإعتراضات والشكاوى المطروحة أمام المودعين تجاه المصارف اللبنانية على المستويين المحلي والدولي.
بعد ذلك تطرق زبيب إلى دور جمعية المصارف وأصر على “تصحيح الإلتباس القائم حول صلاحياتها كونها ليست جهة رقابية وكون تعاميمها لا تتسم بالإلزامية بل هي على سبيل الإستئناس، وبالتالي فإن دورها الحالي هو سلبي لناحية مقاربة الأزمة عبر ايهام المودعين بأن تعاميمها هي قرارات واجبة التطبيق”.

ولفت الى أن “المودع اللبناني اصبح من دون اي حماية قانونية فعلية إذ تخلى المصرف المركزي والقضاء عن موجباتهم”.

الرماح

وكانت كلمة للعميد سامي الرماح قال فيها بأن “الثورة اتت مدوية وعابرة للطوائف والمذاهب”. وقال ان “الهندسات المالية التي قام بها حاكم مصرف لبنان السيد رياض سلامة عندما منح 5،6 مليار دولار للمصارف دون أن يتقاضى ضريبة على هذه المداخيل كانت خاطئة”. وتساءل “كيف كان القانون يجيز له ذلك”، وكيف أن “القانون أيضا يجيز لهيئة إدارة مرفأ بيروت الا تكون خاضعة لديوان المحاسبة وكيف أن وزارة المهجرين قامت بصرف المليارات من الدولارات دون رقابة مسبقة وكذلك مجلس الجنوب وغيرها من الصناديق والهيئات والدكاكين المخصصة للنهب والسرقة والمحاصصة التي انهكت المالية العامة طوال السنوات الماضية”.

وتطرق الى “رواتب موظفي أوجيرو الخيالية وكيف أن مدير عام أوجيرو يتقاضى راتبا أضعاف أضعاف راتب رئيس الجمهورية وهذا غير منطقي”.  وأكد أن “هناك منظومة فساد قائمة منذ زمن طويل في لبنان ويجب محاسبتها والإقتصاص منها في اسرع وقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

قرداحي

وقدم الخبير الإقتصادي شربل قرداحي مداخلة إستعرض فيها مراحل الأزمة وأوضح ان “تجفيف السيولة بدأ منذ بداية عام 2019″، وقال: “شهدنا رفعا للفوائد لمستويات عالية جدا والأمر الثاني هو تقييد السيولة بشكل مبالغ به وخاصة بالدولار ما تسبب بأزمات متعددة خاصة لاستيراد المواد الأولية وغيرها من المنتجات”.

أضاف: “إحتياطاتنا بالدولار ليست منخفضة مع المستويات التاريخية، والإنخفاض الذي كنا نراه ليس دراماتيكيا حتى يسبب هذا التشدد الكبير جدا بحجب الدولار خاصة عن القطاعات الأساسية.
من الطبيعي أن العملة الورقية في البنوك هي محدودة مقارنة لحجم الموجودات، وعادة هذه الأخيرة لا تتخطى 7 إلى 9 % من قيمة الناتج الإجمالي في أي دولة. وبفعل إنعدام الثقة زاد الطلب على العملة الورقية”.
واعتبر أن هناك “تقييد جزئي لخروج الودائع، وهذا ما يسمح بأن نحافظ على سعر الصرف مع تخفيض الفوائد”.

خريش

من جهته، رأى العميد المتقاعد مارون خريش أن “الساكت عن الحق ملام ومجرم بسبب سكوته وصمته ويجب محاسبة منظومة الفساد بأكملها”.
وقال: “إن الناس موجوعة من معاناة الجوع والفقر وعدم تأمين أسس حياتهم ، وأن 17 تشرين الأول هو يوم عظيم ومؤثر في تاريخ لبنان. وأن الثورة مباركة”. وشدد على أن “ليس للثورة اي زعيم، وأن الفاسدين يتخبطون ويجب محاسبتهم جميعا”، وأن “السرقة التي اعتمدتها منظومة الفساد والمحاصصة هي سرقة تحت غطاء القانون ويجب معالجة الأمر ويجب تأليف حكومة في أسرع وقت”.

الخليل

اما المحامية بشرى الخليل فقد إستشهدت بكلمتها بالخليفة عمر بن الخطاب “كيف كان يحاسب الولاة الفاسدين بخشونة مطلقة منذ اكثر من 1400 سنة”. وسردت حادثة حصلت مع الخليفة “نقلا عن السيد محسن الأمين منذ ذلك الوقت، عندما علم الخطاب بأن أحد الولاة الذي كان موليه على البحرين أصبح لديه عشرة آلاف دينار فأرسل وراءه للمحاسبة وكانت كلمته الشهيرة: “عندما وليتك البحرين كنت بلا نعلين”.
وقالت: “كانت المساءلة عبر شعار من أين لك هذا؟ منذ ذلك الزمن الطويل”.

وشددت على ضرورة “محاسبة للفاسدين وأن لا نأتي بالمسؤولين السارقين والفاسدين للحكم وأن نكون جديين وصارمين في محاسبتهم”.

منصور

وقدت المتخصصة في الإقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتورة ليال عدنان منصور إشراقيه تحليلا عن واقع الأزمة المالية والمصرفية الحالية. واعتبرت أن “نقطة انطلاق الحوار خاطئة فالتصويب على سياسات المصرف المركزي ليست في محلها”. وقالت: “نعم قد تكون السياسات خاطئة ويجب ان يحاسب المسؤول عنها ولكن لم يكن هناك من حلول أخرى. فالمصرف المركزي ليس من مهمته تحفيز الصناعة والزراعة إنما الحفاظ على النقد اللبناني.

ان جذور ازمة القطاع المصرفي بحسب دراسة أعددتها في الجامعة الاميركية تعود الى العام 2011 ولكنها اشتدت في العام 2016، يعود السبب في ذلك بان المصرف المركزي كان يلجأ للاستدانة من المصارف الخاصة لتمويل عجز الدولة وكان عجز الدولة في تزايد مستمر جراء السياسات الحكومية الخاطئة. ولقد لجأ المصرف المركزي إلى الهندسات المالية منذ العام 2016 فهو بذلك كان يشتري الوقت مقابل ثمن باهظ ويمنحه للسلطة الحاكمة لتنجز الإصلاحات ولكن السلطة كانت منهمكة في الفساد والصفقات والمناكفات ثم اجرى هندسة أخرى واشترى فيها وقتا إضافيا وأجل الانهيار سنة أخرى لعل الحكومة تنجز الإصلاحات ولكن دون جدوى وآخر الهندسات كانت في العام 2019 وكذلك استمرت السلطة بالعبث بمصير المواطن وثروته”.

حمدان

وتحدث السفير الدكتور هشام حمدان مشيرا الى ان “البلاد تسير نحو الهاوية وان الأزمة المالية والاقتصادية هي أزمة لها طبيعة سياسية وليست نتيجة أزمة بنيوية”. ورأى ان “إنقاذ لبنان من هذا الواقع يستوجب العمل على تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية المجاورة ولعب دور إيجابي لتسوية هذه المنازعات من خلال توفير جسر حواري بين هذه الدول التي هي كلها دول صديقة وشقيقة”.

وطالب “باستراتيجية دفاعية تعيد المقاومة الى نسيجها الوطني وتنخرط في الدفاع عن لبنان تحت جناح الجيش الوطني”.

عكوش

وتناول الدكتور في الاقتصاد عماد عكوش عن نقاط اساسية يعاني منها الأقتصاد اللبناني والنظام المصرفي، وابرزها “الرقابة على مصرف لبنان والمصارف التجارية والمخالفات القانونية والمصرفية لهذا الجهاز وعدم قيام وزارة المالية بدورها الرقابي عبر مفوضية الحكومة لدى مصرف لبنان، الكابيتال كونترول والأستعاضة عنه بتجميد حسابات المودعين، الهندسات المالية ومخاطر تحويل الدين بالعملة المحلية الى العملة الأجنبية، وعدم قبول تطبيق ضريبة الثروة على الثروات التي تزيد عن خمسة مليون دولار وإخضاعها لهذه الضريبة بشكل تصاعدي، موضوع مؤسسة ضمان الودائع وضرورة تعديل قوانينها لناحية الإدارة والأستقلالية وقيمة الضمانة المدفوعة والتي لا تزال عند حدود خمسة ملايين ليرة وعلى ودائع بالليرة فقط”. ولفت أخيرا الى “ضرورة انشاء هيئة مستقلة لإدارة الدين العام”.

شمس الدين

واعتبر الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين ان “الناس فقدت ثقتها بالمصارف وهي تسعى الى ان تنقل اموالها الى منازلها كي تكون في مأمن”. وقال: “لدى المصارف ومصرف لبنان اموالا نقدية بالدولار تناهز 45 مليار دولار ويمكن استخدامها للحد من ارتفاع الدولار لدى الصيارفة. ولكن هناك عملية نهب”. واقترح ان “تتم محاصرة اصحاب المصارف في منازلهم وقطع الكهرباء والماء والطعام عنهم حتى يتراجعوا عن نهب اموال اللبنانين”.

نجيم

وقال المحامي الدكتور نبيل نجيم ان “ما أطاح بالودائع هو منظومة متكاملة من البنك المركزي وجمعية المصارف ولجنة الرقابة والمصارف، إذ أن المصارف طمعا بالربح السريع أدانت مصرف لبنان من ودائع الناس وهي على أتم العلم ان مصرف لبنان يقرض الدولة وهذه الاخيرة هي تحت عجز مستدام ولا أصول لديها قابلة للتسييل مما يعرض الدائن في كل لحظة الى التوقف عن الدفع وتسديد ما يتوجب الى المصارف الدائنة”.

وأوضح أن “هذا ما حصل بسبب شح التحويلات من الخارج”. واقترح “تهديد المنظومة بدعاوى جزائية حول غش المودعين بفوائد مرتفعة لافادة من يدور بفلكها من رجال أعمال كبار وسياسيين لإجبارها على اعادة ما تم تهريبه من الخارج”.

عبد الخالق

أما الباحث في التنمية الإدارية رائد عبد الخالق، فشدد على “ضرورة إعداد دراسة انقاذية تتضمن الحلول الإقتصادية للهندسات المالية والمصرفية من خلال اجتماعات متخصصة ومكثفة من مصرفيين واقتصاديين وحقوقيين لتشخيص الواقع الحالي وإعداد الخطة الإنقاذية لإعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية”.

وأشار الى أن “انقاذ الوضع النقدي والمالي لا يتحقق بغياب الرقابة والمحاسبة وعدم تفعيل الآليات والأنظمة الفاعلة في القطاعات المالية والاقتصادية كافة”، معتبرا أن “على المواطنين لعب دور المراقب لمكافحة الفساد والتصدي له بجميع اشكاله”.

جاسر

ثم قدم العميد المتقاعد جورج جاسر مداخلة فلفت الى “دور الصيارفة السلبي في تعميق البلبلة وتحديد الجهة الداعمة لهم”. وتساءل حول “خيارات حاكمية مصرف لبنان بين لجم الدولار في سوق القطع وبين سياسة تعويد الناس على سعر جديد عبر فرضه تدريجيا”. وختم بأنه “لا بد من الإسراع في الحصول على إجابات سريعة كون الحراك يحاكي موضوعا نعيش تأثيراته وانعكاساته السلبية كل لحظة”.

لحود

وقال المحامي لحود لحود من “تجمع لبنان هويتي” ان “المشكلة الحقيقية في لبنان هي في قدم نظامه، فحتى ولو استلم الوزارت ضباط الجيش اللبناني وهو أنظف مؤسسة في لبنان، لن ينجحوا بعملهم إلا بإصلاح النظام الذي يعملون بموجبه بغية أن يجاري تطور الحياة ومتطلباتها ونجاح الدولة”.

ودعا الى “العمل على توحيد المطالب ووضع خطة عمل الحكومة لتنفيذها وبغض النظر عن الأشخاص على أن يكونوا من اهل الإختصاص وصولا إلى انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل مجلس نيابي جديد يعمل على تطوير النظام وكافة القوانين بما يتلائم مع الواقع ويصار إلى إقرار استقلالية السلطة القضائية وتعديل الدستور لناحية خلق سلطة رابعة هي السلطة الرقابية بحيث تجتمع فيها كافة الأجهزة الرقابية في الدولة، كما وإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية”.

الرافعي

وحث القاضي الشيخ يحيى الرافعي على “التنسيق بين المجموعات المتألمة والثائرة”. واعتبر أن “المشكلة الرئيسية في لبنان هي أن القانون غير مطبق، وهو بيد أصحاب القرار”. وقال: “إن تطبيق القانون إستنسابي بما يتماشى مع الحكام الفاسدين”.

في الختام، إتفق المشاركون على عقد إجتماع لاحق خلال 48 ساعة للجنة المصغرة التي سينضم اليها حقوقيون وخبراء ماليون دوليون وخبراء مال واقتصاد وبعض الناشطين “لوضع خطة العمل المطلوبة ودراسة كل المقترحات والخطوات الآيلة للضغط الموجع والذي يجب ان يكون موجه خاصة تجاه تصرفات جمعية المصارف”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *