قصيدة وتعليق

Views: 563

سمر الخوري

 

شهد العسَل

يا ريت فيّي بَوِس الوردات

وإسرَح وإمرَح.. كون حريّة

كان النحل جمَّع من البوسات

شهد العسَل عَ ورود جوريّه

يا ريت فيّي سيهر النجمات

إسكَر عَ كتف الشمس ليليّه

العمر يمشي لضحكة الغمزات

والورد يشرب دمع عينَيي

يا ريت فيّي إكتب الكلمات

قمار الدني لعيونِك هديّه

عَ جرار خمرِك تسكَر البسمات

وصدرِك يشق الفجر صبحيّه..

عنتر رزق الله

 

هديّتان

شهد العسل.. شهادة الشاعر عنتر رزق الله في الصدر الشاهد أن الحقول مواسم جنى، وأن العقول لمن نسج المعجن.

شهد العسل..عنوان يقود القارئ إلى شك ديكارتي : لماذا اعتمد الشاعر لزوم ما لا يلزم وأضاف العسل إلى الشهد؟أيكون هناك شهد ثان؟ لعل في هذه الإضافة إيحاء بشهد جديد، من عسل البوسات، لا الوردات.

وتظهر الأبيات حلم الشاعر ، بل اشتهاءه تقبيل الورود، كما النحلات الغاديات إلى الحقول.وإذا ال”يا ريت”،ذاك النداء الخارج من حرقة الفؤاد، تعلن عشق شهد  الورود، وارتشاف عسل  الوعود. إنه الحلم الهارب من لا وعي الأرض إلى وعد السماء. من الوردات إلى النجوم، حلم يعوم، حلم شاعر ليس لديه دون النجوم تخوم.

قصيدة الشهد  ذكرتني بقصيدة الشاعر خليل روكز:

يا ريت عندي وآخ لو فيي

عا قد حبي جبلك هديه

كنت بهديكي شذا الوردات

واسرار أحلام الطفوليه

وكنت بتعمشق على النجمات

بسحب شلل خيطان فضيه

فالحقل المعجمي واحد:الوردات والنجمات والشذا والأمنيات والهدية . والحلم مشترك في أن يحول الشاعر حبه والعبير إلى هدية تعبر عن الحب الكبير.

بيد أن الشاعر رزق الله يذهب في حلمه إلى ابعد من أحلام روكز، فيتمنى أن يصبح نحلة تجمع العسل في الجرار، بلا قرار. هي نحلة الشوق والتوق إلى العطاء. يصبح الشاعر نحلة والنحلة شاعرا يسكر من دنان العشق والابتسامات.

هي الحرية ينشدها الشاعر رزق االه. حرية تعيد خلق الكون من جديد. تذيب فيه الجليد، وتغرس الأمنيات. حرية السكر الذي جعل الأخطل يقول لأمير المؤمنين:

كأني عليك أمير المؤمنين أمير

هذا السكر هو الذي أدخل الشاعر في بوتقة الحلم/القصيدة. فيصبح الشاعر شريكا للبسمات في السكر.وهو سكر ثلاثي تمثل في تكرار تعبير “يا ريت فيي” في حركة تصاعدية من تقبيل الوردات إلى عناق الشمس وكتابة الأشعار. وكأن الشعر هو الذروة في الأمنيات الزرقاء.

الوردات والنجمات والشمس والأقمار رموز حسية للحبيبة، في بيدر الوجود. تجمع بينها القبلات /العسل، فتختلط الدموع بالابتسامات والغمزات والسمر، واشتهاء أن يسرح ويمرح، أن يكون “حريه”.

عودة إلى العنوان، شهد العسل. يصبح الشهد بحثا عن اللذة الفطرية، بلا تصنع، أو رياء. ومنبع العسل رحيق القبلات لا شذا الورود الجورية. قبلات آتية من عالم الأحلام، ذاك العالم الافتراضي الحواس والإحساس، المشبع بالسكر ، وصولا إلى يقظة يعلنها الصدر/الفجر. فتصبح الحبيبة رمزا للأم .

يقظة الفجر انتهاء للحلم، وإطلالة لواقع أجمل من الأحلام. إنه واقع الصدر المتخم بالحنان، بعد سكرة من خمرة الجرار في قانا.

سيدي الشاعر، أمنياتك تحققت . كلماتك تعتقت في صدر السجود، خمرة جليلية بامتياز. والفجر الصاعد من عمق الصدر إشراقة عهد جديد من العشق والوفاء.

هديتك وصلتني حقا، على أهداب الشمس، وأهراء القمر اللجين. وشهد كلماتك اعتراف بأن العمر خفقة قلب، ورعشة فكر، وصحوة ضمير.

هديتك وصلتني، على جناح الغمزة الشافية، والبسمة  القافية، والصحوة الغافية، في قبلة الضياء. فإن كان روكز أهدى حبيبته الشذا والشعاع، فإن هديتك اليوم قصيدة ثملى بشهد الغمزات، وخمرة الآيات، وعسل القبلات.

صديقي عنتر، أيها الفارس المترجل، جرار شعرك خمرة نواسية، من عرس قديم، أقمارها جرح الشعراء، أعمارها بوح العطاء،

واشتهاء السنين.

أيها الصحو الجنين، لك شهد عينيّ، ونور خافقيّ، وأغمار اليقين. أعرف أنها لا تساوي بوح  شراعك، ولكنها مجذاف  يراعك، يخط الخلود للعاشقين.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *