أشباه الرجال

Views: 119

خليل الخوري 

كان القدامى في ضيعتنا يرددون على مسامعنا مثلاً سائراً، وهو «إن الأزمات والمحن تكشف الرجال». وليأذن لي القارئ أن أعلن عن اقتناعي بهذا القول لأضيف أن المحن والأزمات الكبرى التي تعصف بوطننا لبنان، قد كشفت بشكل فج جداً أن الرجال عندنا قليل، ليس فقط على مستوى المسؤولين، إنما أيضاً على المستوى الوطني والشعبي عموماً.

طبعاً، لسنا في موقع تقويم الناس، فقط نعبر عن انطباعات نلمسها في كل مكان، وخصوصاً لدى الناس المكويين بنار الأزمات ونار حرارة الطبيعة التي تحرق، هذا الصيف، بلهيب أبعد مدى جراء غياب إمكان اتقائه بوسائط التبريد، فلا «كهرباء الدولة» ولا تيار الاشتراك…

ونعود على بدء لنبحث، عبثاً، بالفتيلة والسراج عن الرجال الرجال، فلا نجدهم في الحكم ولا في المعارضة… أصلاً من يعارض من؟ وكلهم دفنوا الحاج زنكي معاً…

فهل يُعقل أن يتعذر تشكيل الحكومة، ولو ليوم واحد، فيما البلد في أمس الحاجة إليها؟

وهل يُعقل أن يحدث ما نراه على صعيد المحروقات التي تسببت أزمتها في مجزرة حريق التليل في عكار، وأيضاً ببضعة قتلى بسبب الخلاف على الوقوف في الطوابير، طوابير الذل عن حق وحقيق؟!.

هل نتخيل هكذا وضعاً في أكثر بلدان العالم تخلفاً؟ ونحن الذين كنا ندعي الأولوية والريادة والسبق!

أين الرجال إزاء ما يجري على صعيد الدواء؟ وأينهم على صعيد حليب الأطفال؟ وأينهم على الصعدان كافة في المجالات كلها؟

وهل المحتكرون هم رجال بمعنى الشهامة والفروسية والمرؤة؟

وهل التلاعب بأسعار المواد الغذائية وحرمان أكثرية الشعب لقمة الكرامة فيه شيء من الرجولة؟

وهل «أكل» الناس بعضهم بعضاً هو عنوان الرجولة المشرق؟

وهل تعميق الخلافات، بينما الأزمات تقتضي توافقاً سريعاً يضع الخلافات وراءنا، ولو موقتاً، هو دليل رجولة؟

من المؤسف، والمؤلم بل والمحزن أن نقول لهؤلاء الذين من نكد الدنيا علينا أنهم يتولون شؤوننا، في هذا الزمن الرديء، أن نقول لهم: يا أشباه الرجال حلوا عن… سمانا.

(conversionwise.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *