‮ …في‮ ‬يوبيلك الطبي ‬لبنان‮ ‬ينتظرك ‬‬‬‬‬‬ أيها الثائر الأبيض 

Views: 534

انور حرب

(رئيس تحرير “النهار” الاسترالية)

 كثيرون ركبوا قطار الثورة المحقة المضرجة بدماء شهداء، والمستذكرة قَسم جبران، والمنطلقة من صرخة جياع انتفضوا على طبقة سياسية عفنة، عابرين المناطقية والمذهبية والحزبية ليشكلوا نواة وطن جديد موعود.

ولكن في قناعتي، هناك ثائر أبيض انتفض منذ زمن وتحرك، كتب وحاضر، حمل مبضعاً وطنياً لمعالجة المجتمع من سرطانات سياسية واجتماعية، وهو توازياً عالج الأجساد من الأورام الخبيثة بنجاح غير مسبوق وبأبحاث لولاها لما كانت رسالة الطب حققت انجازات هدمت حصوناً من الأمراض العصيّة.

في خمسينك الطبي، أيها البروفسور فيليب سالم، أتوقف أمام عطاءاتك والمواقف بانحناء، لأنك رمز تعلمت منه الكثير وما زلت.. لأنك ذاك الوطني الذي رسم في وجدانه حكاية اللبنان الذي أعطى جبران وسعيد عقل وشارل مالك والجمال والشعر والفكر والأغنية والأمل والخبز.

في يوبيلك زاد عيار الذهب في انسانية تدين لك بمواقف لن أنساها ولن يتجاهلها المقيمون والمنتشرون تحت الشمس.

أيها العلماني المؤمن برب السماء مخلّصاً، ” الملحد” بالدنيويات وجوداً، المعتنق المحبة دواءً والمهنية سبيلاً والرحمة شفاءً والعلم ضرورة والانسانية واجب وجود أسمى من كل الماديات…

ثائراً أبيض عرفناك، لم يخرج يوماً من متاريس المحبة والتواضع، ولم يترك بندقية الاصلاح للدفاع عن حقوق الانسان والاوطان.. ثائراً أبيض حمل لبنان في وجدانه الى أقاصي الدنيا حكاية قدموس ونعَيمة ودبغي، وأنت القائل دفاعاً عن وطن الأرز “لبنان لا تخف، أنا هنا”.

كيف يخاف هذا اللبنان، والبروفسور سالم الثائر على ديجور الاستبداد والاستعلاء والاستعباد والفساد حي يرزق ونبض تفوح منه رائحة التراب “البطرّامي” المنسوج على شجرة متجذرة في تربتها ومنتصبة في وجه الريح العاتية؟!

أنادي لبنان.. ألفت نظر المعنيين الذين يفتشون عن قائد ثورة لا يحب الظهور، عن رسولي داوى جراح الانسان والاوطان دون ان يفقد الأمل بالقيامة ودون ان تتحكم به خيبة..

أناشدهم اليوم بالذات الاستعانة به، فهو النموذج وهو المطلوب بإلحاح لتسلم المنصب الحكومي الذي يليق بلبنان وبثورة الجياع.

قد لا توافق لآنك مترفّع عن المناصب والسياسات، لكنك لم تتعود الهروب من الساحات، وأنت الذي تخطيت بأبحاثك العلم والمعرفة لتلامس مشكلات الوطن وما يعتريه من أمراض وفساد وفتن واستهزاء بكرامة الانسان.

سنّة التغيير يجب ان تكون طبيعية في حياة المجتمعات الثائرة، شرط ان يكون تحوّل الاصلاح نحو الأفضل. ونحن ندرك ان في وجدانك مسلمات أبرزها محاربة الجوع والمرض، وأنت تعتبر الجوع مرضاً واليأس مرضاً، ولكنك تداوي المرض بدواء اللا إحباط والأمل بالوصول الى رحاب الفرح.

فيليب سالم.. كم نحن بحاجة الى قراءة قاموسك اليوم، ففيه اعتدال واكتمال لعنصر المحبة..

بين المعرفة والقلب تبسط يديك على اختصاص ممزوج بروحانية إيمانية.

أيها الثائر الأبيض عليك ان تلبي النداء، وعليهم ان يطلقوا النداء.. فأنت ابن الزمن الجميل المنتفض على زمن التبعية والخنوع والعبودية.

يا لبنان الحبيب لا تخف.. في ربوعك ثائر أبيض اسمه البروفسور فيليب سالم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *