فؤاد عوّاد… الحي في ذاكرة الفن اللبنانيّ
ميشلين حبيب
بعد مرور أربع سنوات على رحيل الموسيقار فؤاد عوّاد، أستذكره بنصّ سبق أن كتبته مقدّمة لحلقة تكريميّة له في برنامج زوايا عام 2016:
الأصالة في طبيعتها لا تحب التباهي ولا الضجيج وإنما تعمل وتحفُر أثرًا يُغني، ويُحبّ، ويحمي، ويرسُم طريقًا للافتخار والمجد، تمامًا مثل أرز الربّ الذي يمجّد الله ويُعلي الوطن. وحينما تقترن الأصالة بالعبقريّة، عندها تعجز الكلمات وتنحني. هذه هي الحال عندما نريد التكلّم عن العبقريّ والعملاق، سيّد الموسيقى الراحل الباقي، فؤاد عوّاد.
الطيبة والصدق والوفاء والإيمان القويّ كلمات يحبّها ويتغنّى بها الجميع وعند ضرورة عيشها وممارستها تُترك على قارعة الطريق لتدوسها وقاحة الغرور والأنانيّة، والمصلحة الشخصيّة وقلّة الوفا،ء لكنها عند فؤاد عوّاد تجسّدت في شخصه وأصبحت عنوانًا لحياته وعمله وعطائه.
عبقريته في الإبداع تجلّت في عمله على المسرح وفي التلفزيون مع كبار مثل سامي خيّاط ومروان نجّار بأعمال بقيت في ذهن المشاهد وذاكرة الفن اللبنانيّ. تجلّت هذه العبقرية أيضًا في ريشته حيث تخبر لوحاته عن عمق إبداعه ورؤيته الفنيّة. (kidsrkids.com)
لحّن العديد العديد من الأغاني لمطربين كبار منهم، ميشلين خليفة وماجدة الرومي، بالإضافة إلى ريبارتوار كبير من أغانٍ للأطفال والموسيقى التصويرية لمسلسلات تلفزيونية عدّة. قاده شغفه وعشقه للموسيقى العربيّة وتفانيه لها إلى عمقها فأحدث فيها ثورة وصاغ لها مناهج جديدة، فأكمل ما نقص في المناهج القديمة وأصلح ما وجب. من هنا فإن الموسيقى العربيّة تدين له بالكثير شاء أم أبى البعض، اعترفوا أم لم يعترفوا. هذا العطاء وهذه المسيرة الطويلة تجلّت في عدّة مؤلفات موسيقيّة أكاديميّة مهمّة هي: المنهج الجديد في الصولفاج، نظريّات الموسيقى الغربيّة والعربيّة المشرقيّة: تسميات علمية جديدة للمقامات العربية عند التصوير، شادي الألحان: أغنيات عربية مدوّنة بالكلمة والنوطة.
أما رفيقه في كل لحظة من يومه وحياته، صديقه العود فكتب له: قواعد العزف على العود المؤلَّف من ستة أجزاء في ثلاثة كتب ليكون قد وضع بذلك مؤلفًا ثوريًا ومهمًّا جدًّا في عالم العزف على العود وتعليمه. يعود الفضل في كل ذلك إلى الأم الحبيبة والحامية الملهمة ورفيقة الدرب السيّدة مريم العذراء. هو الزوج والأب الصديق المحبّ، هو أكثر من موسيقار، هو فؤاد عوّاد.
