“قوة الشفاء في الفاكهة” (8)…التفاح… رمز الصحة والعمر المديد

Views: 859

 خصّت الدكتورة أماني سعد ياسين، مشكورة، موقع Aleph-Lam  (مجلة Superstar) بحقوق النشر الالكتروني لمضمون كتابها  “قوة الشفاء في الفاكهة” (الدار العربية للعلوم ناشرون ش.م.ل)، لما له من فوائد صحية، بخاصة لجهة تقوية مناعتنا طبيعيًا في زمن فيروس “الكورونا” المرعب، الذي يجتاح العالم. في ما يلي الحلقة الثامنة.

 

د. أماني سعد ياسين

عرف الناس التفاح من قديم الأزمان على أنه رمز الصحة والعمر المديد، وقد أجمع الأطباء على أهمية هذه الفاكهة وأنها تأتي في مقدمة الفواكه المغذّية والشافية على حدٍّ سواء حتى قيل فيها: «إن تناول تفاحة واحدة في اليوم يُبعد عنك الطبيب».

والتفاحة هي الفاكهة المحبّبة إلى قلوب أكثر الناس، فهي تجمع متعة النظر واللمس والذوق والشم في آن واحد، وهي سهلة التناول حيثما كان، في المدرسة أو الجامعة أو مكان العمل أو النزهة. وهي متوفّرة في أكثر المناطق، باردة كانت أو معتدلة، صيفاً أو شتاء، ومنها أنواع كثيرة مختلفة في الشكل والحجم واللون.

وقد يزول العجب حول وضع هذه الفاكهة في هذه المرتبة المهمة بعد الاكتشافات المذهلة في عالم الطب والصيدلة والتي تؤكد أن التفاح يحتوي، إضافة إلى المواد المغذية المهمة والأساسية، على عنصر كيميائي دوائي في غاية الأهمية يُدعى الكيرسيتين (quercetin). والكيرسيتين هو واحد من مجموعة الفلافونويدات ولقد عُرف عنه أنه يحمي من الإصابة بأمراض القلب والشرايين. فقد بيّنت الإحصائيات الكثيرة أن المناطق التي تستهلك الأغذية الغنية بالكيرسيتين انخفضت لديها نسبة الإصابة بالذبحة الصدرية والسكتة الدماغية على نحو ملحوظ.

 

المركّبات الدوائية الفعّالة

Pectin      Quercetin

Malic acid       Rutin

  1. Glucarate Fiber

Aromatic   Substances

إلا أن الكيرسيتين هو واحد من العناصر المهمة التي يحتوي عليها التفاح وقد لا نفاجأ في المستقبل إذا ما تمّ اكتشاف عناصر أخرى مهمة.

 

مكوناته

يحتوي التفاح على 84-% ماء، وصحيح أن التفاح ليس أغنى الفواكه بالماء إلا أنه معروف عنه أنه من أفضل الفواكه المزيلة للعطش. ويستفاد من عصير التفاح في تعويض السوائل في الجسم وتجديد النشاط والحيوية، وكذلك تقوية قدرة الجسم على العمل المضني، وذلك لاحتوائه أيضاً على نسبة مهمة من السكريات البسيطة كالكلوكوز والفروكتوز، سهلة الهضم والأيض على مستوى الخلايا.

كما يستفاد من عصير التفاح في علاج الكثير من الأمراض التي تستدعي الحمية عن الطعام لما له من فوائد جمّة في حماية الجهاز الهضمي إضافة إلى آثاره الأخرى، وقد لا تخلو حمية يصفها أخصائي تغذية من التفاح أو من عصير التفاح.

ويحتوي التفاح أيضاً على السليلوز (0,9¬%)، والأحماض وأهمها حامض الماليك (Malic acid)، وقد تصل نسبة حامض الماليك حتى 1,5-%، وحامض السيتريك في التفاح الناضج، وعلى حامض الكينيك (quinic acid) في التفاح الفجّ (غير الناضج).

ومن أهم ما يحتويه التفاح الألياف القابلة للذوبان وتلك غير القابلة لذلك، وأهم الألياف القابلة للذوبان البكتين (Pectin) (تقريباً 0,4¬%)، ويستفاد من البكتين الموجود في التفاح في صناعة الأدوية وهناك أدوية كثيرة مستخرجة من التفاح على صورة بكتين سائل أو مجفّف، والمصدر هو طبعاً أثفال التفاح التي تحتوي على 10–20-% بكتين في المادة الجافة. وهذه كلها يستفاد منها في علاج أمراض الجهاز الهضمي كالإسهال وآلام المعدة وخصوصاً لدى الأطفال.

أما الألياف غير القابلة للذوبان الموجودة أساساً في قشر التفاح فهي تحارب الإمساك وتقي من الأمراض المتأتية عنه كالديفيرتيكولوز (diverticulosis)، وهي حالة مرضية تتشكّل فيها جيوب عديدة خارجة من جدار القولون، كما تقي أيضاً من مرض السرطان.

وقد استفاد صنّاع الأدوية من التفاح إلى حدٍّ واسع فهناك على سبيل المثال، سائل وأقراص وكبسولات البكتين وأقراص حامض الماليك مع المغنيزيوم.

ما هو البكتين Pectin؟!

البكتين نوع من الألياف القابلة للذوبان موجودة في أغلب النباتات، إلا أنها توجد بوفرة في التفاح وقشور الحمضيات كالبرتقال والليمون والكريب فروت.

ولكي نفهم كيفية عمل البكتين يجب أن نعرف أن الكثير من المواد المسبِّبة للأمراض كالمواد الكيميائية السامة الموجودة من حولنا أو حتى في الأغذية التي نتناولها بشكل يومي ومستمر يجب أن تعبر أولاً عبر الجهاز الهضمي ومن ثم تدخل مجرى الدم لكي تؤثر في الجسم.

لنتصوّر أيضاً أن هناك جسماً غريباً حاداً نوعاً ما موجود في مجرى الجهاز الهضمي وهو قد يسبِّب أذية جدار القولون أثناء عبوره في القناة الهضمية ما يُسبِّب على المدى البعيد حدوث أمراض عدة من أهمها وأخطرها مرض السرطان.

فما الذي يحمي الإنسان من كل هذه العوامل المؤذية والخطرة؟! هنا يأتي دور هذه الألياف القابلة للذوبان أي البكتين التي تتحوّل بعد ذوبانها وامتصاصها لكميات كبيرة من الماء، إلى مادة غروية هلامية (Sticky gel) تعمل كغلاف واقٍ داخل القولون تحميه من أية عوامل مخرِّبة ومؤذية!!

بالإضافة إلى هذا بل الأهم من هذا هو أن هذه المادة الغروية الغليظة تحبس بداخلها الكولسترول فتمنع امتصاصه ودخوله إلى الجسم مانعة بالتالي ارتفاع معدل الكولسترول في الدم وما يستتبعه ذلك من الإصابة بالذبحة الصدرية والسكتة الدماغية.

وقد بيّنت الدراسات أن الأشخاص الذين يستهلكون مقادير أكبر من هذه الألياف القابلة للذوبان هم أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين من غيرهم. ففي دراسة أُجريت في جامعة هارفارد تبيّن أن الرجال الذين أعطوا مقدار 7 غرامات من الألياف القابلة للذوبان انخفضت لديهم نسبة الوفاة نتيجة الإصابة بأمراض القلب حتى 40-% مقارنة بالذين أعطوا 4 غرامات فقط من هذه الألياف.

وتحتوي التفاحة المتوسطة على غرام واحد من الألياف القابلة للذوبان منها 0,7 غرامات بكتين لذلك فهي مصدر مهم جداً لهذه الألياف المفيدة.

كما أن لهذه الألياف القابلة للذوبان فوائد أخرى عديدة، فإضافة إلى أنها تحمي وتطهِّر الجهاز الهضمي من العوامل الضارة وتقي من الإصابة بأمراض خطيرة كالذبحة الصدرية والسكتة الدماغية، كذلك فهي تبطِّئ عملية الهضم عندما تُشكِّل هذه المادة الهلامية (gel) فتمنع ارتفاع معدل السكر في الدم فجأة كما تمنع جذب الكولسترول والأملاح الصفراوية، لذلك يُنصح بتناول التفاح خاصة لمرضى السكري فهو من أفضل الفواكه لهم.

ما هو حامض الماليك Malic Acid؟

يُعرف أيضاً بحامض التفاح (Apple acid) أو أحياناً حامض الفاكهة (Fruit acid)، وهو موجود بوفرة في التفاح وبنسبة أقل في بقية الفواكه. أما حامض الماليك المتوفر في الصيدليات على شكل متمِّم غذائي أو دواء فهو يُستخرج أساساً من التفاح على شكل (L. Malic acid)، وهذا هو الشكل الطبيعي لهذا الحامض وهو الشكل الفعّال بيولوجياً أيضاً. ولحامض التفاح دور أساسي في عملية توليد الطاقة المسماة بدورة كريب (Kreb’s cycle) والتي تحصل في معمل توليد الطاقة في الخلية أي الميتوكوندريا (Mitochondria).

وهو يحترق في هذه العملية ليولِّد مواد قلوية (base)، ومن المهم معرفة أن التوازن بين نسبة القلوية ونسبة الحموضة في الجسم لها تأثير كبير في صحة الإنسان وسلامته، وأن أي خلل في هذا التوازن الحمضي – القلوي الدقيق (PH) قد يؤدي إلى تكاثر الأحماض في الجسم أو ما يُسمّى بالأسيدوز (acidosis)، فتبدأ هذه الأحماض بمهاجمة خلايا الجسم وهذا ما يحصل أيضاً مع التقدم في السن، فما إن يتجاوز الإنسان سن الأربعين حتى يبدأ الأسيدوز بمهاجمة جسمه دافعاً به إلى الشيخوخة.

من هنا ينصح الأطباء بتناول الكثير من الفواكه وفي مقدمتها التفاح للمحافظة على سلامة الجسم ولمحاربة الأسيدوز وتأخير بوادر الشيخوخة قدر الإمكان. والشيخوخة لا تكون فقط ببروز التجاعيد وتهدُّل الجلد بل هي تصيب جميع أعضاء الجسم فتتعب هذه الأعضاء وترتبك ولا تستطيع القيام بعملها كما كانت تفعل من قبل.

وفي دراسة حديثة تبيّن أن حامض التفاح مفيد مع المغنيزيوم في علاج بعض حالات الفيروميالجيا (Fibromyalgia)، وهي حالة مرضية يشكو فيها المريض من آلام عضلية شديدة في أنحاء مختلفة من الجسم دونما سبب واضح. يسكّن حامض الماليك هذا الألم في العديد من هذه الحالات إلى حدٍّ كبير إلا أن السبب هنا أي سبب هذا التسكين ليس معروفاً بعد.

 

التفاح: الدواء الرباني للإسهال

قلّما يعاين الطبيب مريضاً يشكو من الإسهال إلا ويصف له من ضمن العلاج التفاح أو عصير التفاح وكله ثقة بالفائدة!

ومعروف عن التفاح أنه علاج مثالي لحالات الإسهال الحاد والمزمن، وخصوصاً لدى الأطفال حيث يُعطى التفاح المبروش للطفل على دفعات في اليوم حتى يشفى!

وغالباً ما يكون التحسُّن لدى الطفل أسرع من المتوقع، وهذا ليس غريباً فالتفاح حاوٍ للألياف القابلة للذوبان المعروفة في عالم الطب والصيدلة باسم البكتين (pectin)، وهناك أدوية عديدة مشهورة حاوية للبكتين المستخرج من التفاح توصف بكثرة لعلاج حالات الإسهال لدى الأطفال، ولها نتائج حاسمة في هذا المجال.

هذا مضافاً إلى احتواء التفاح على حامض التفاح مع ما له من أثر مضاد للالتهابات فهو يُعدّل النسبة الجرثومية في الأمعاء.

وأخيراً فإن التفاح يحتوي على التانين (Tannins) أو ما يقال له العفص، وهذا الأخير له قدرة قابضة وليس غريباً أن يُعرف التفاح بأنه دواء الطبيعة في مواجهة الإسهال فهو يكافح الإسهال بطرق عدّة. حتى أنه مفيد جداً في معالجة الإسهال الناتج عن التسمم الغذائي والإسهال الجرثومي كدواء متمِّم للأدوية الموصوفة من قبل الطبيب بل لعله أهمها جميعاً لما يحتويه من مواد فعّالة ومؤثرة كالبكتين الذي يتحوّل إلى مادة غروية هلامية (sticky gel) تحبس بداخلها العوامل المخرِّبة فتمنعها من مهاجمة جدار القولون، ومن جهة أخرى تشكِّل هذه المادة غلافاً واقياً للجدار يحميه من تأثيرات هذه العوامل المخرِّبة.

من هنا، فإن التفاح يضاهي أقوى الأدوية وأكثرها فعالية وخاصة لأن الأطباء بمجملهم لا يحبِّذون فكرة إعطاء دواء قابض للمريض لما له من عوارض جانبية، ولأن هذا الدواء الصناعي يمنع الجسم من التخلص من الجرثومة المسببة للإسهال بنفسه ويطيل مدة المرض، في حين أن التفاح سريعاً ما يؤثر إيجابياً على حالة المريض.

 

التفاح المفيد للقلب والشرايين

من المعروف أن الكثير من الناس يفضّلون تقشير التفاح قبل أكله، إلا أن الفائدة كل الفائدة هي في قشور التفاح التي تحتوي على نسبة مرتفعة من العناصر الكيميائية النباتية المعجزة المسماة الكيرسيتين (quercetin) (حوالى 4 مليغرامات). كما أن هذه القشور هي أيضاً من أغنى المصادر الغذائية بمادة الروتين (Rutin)، وهذان أي الكيرسيتين والروتين هما من مجموعة البيوفلافونويدات (Bioflavonoids) الشهيرة وهي متوفرة في الصيدليات بشكل أقراص توصف في حالات بروز الدوالي (ڤاريز) والكسل الوريدي وتورّم القدمين. كما أن لهما تأثيرات مهمة مضادة للتأكسد (antioxidant) ومضادة للالتهابات ومنشّطة لجهاز المناعة في الجسم.

ويعتبر الكيرسيتين من أقوى مضادات التأكسد، ففي دراسة أُجريت في فنلندا قارن فيها الباحثون كمية مضادات الأكسدة المعروفة في الغذاء والرابط بينها وبين نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين لمدة تفوق العشرين سنة، وفي النتيجة تبيّن أن أولئك الرجال الذين كانوا يتناولون مقادير أعلى من الكيرسيتين ومضادات التأكسد الأخرى، وفي هذه الدراسة بالخصوص احتوى نظامهم الغذائي على ربع تفاحة يومياً فقط، انخفضت نسبة إصابتهم بأمراض القلب بنسبة 20¬%.

وفي دراسة أخرى أُجريت في هولندا تبين أن من تناولوا تفاحة واحدة يومياً مع مقدار ملعقتين من البصل و4 أكواب من الشاي، انخفضت لديهم نسبة الإصابة بالذبحة الصدرية حتى حدود 32¬% أقل من أولئك الذين كانوا يأكلون كميات أقل من التفاح!!

من هنا، فإن المثل القائل بتناول تفاحة في اليوم ليس ببعيد عن الصحة أبداً!! وخاصة إذا عرفنا أن التفاح لا يفيد القلب فقط بل وله فوائد أخرى كثيرة.

 

التفاح المخفّض للكولسترول

عند تناول التفاح تتحوّل الألياف القابلة للذوبان الموجودة في التفاح وأهمها البكتين (Pectin) إلى مادة غروية هلامية تملأ الجهاز الهضمي وتعمل كلاصق تجذب إليها الكولسترول فتمنع امتصاصه إلى الدم وتُسهِّل خروجه من الجسم، وهي تضاهي أكثر الأدوية فعالية في تخفيض نسبة الكولسترول في الدم على أن تؤخذ بمقادير كافية.

ففي دراسة أُجريت مؤخراً تبيّن أن تناول 15غ من البكتين يومياً لمدة ثلاثة أسابيع خفض نسبة الكولسترول بنسبة 13¬%.

وفي دراسة أخرى أُجريت على الحيوانات في جامعة فلوريدا للطب في غاينسفيل تبيّن أن البكتين قد يخفِّض نسبة الكولسترول بحدود 21-%. كما أظهرت الدراسة أن البكتين يساعد في منع التصاق صفائح الدم على جدار الشرايين فيحارب تصلب الشرايين وتجلّط الدم.

 

التفاح الواقي من سرطان القولون والثدي

يحتوي التفاح على عناصر عدة مؤثرة في الوقاية من الإصابة بمرض السرطان وخصوصاً سرطان القولون.

من هذه العناصر، كلوكارات (D. Glucarate) وهو دواء معروف يوصف للوقاية ولعلاج حالات عدة من السرطانات، منها سرطان الثدي والكبد والبروستات والقولون، وقد يوصف وحده أو مع مركبات الفيتامين A، وهذا الدواء متوفِّر بشكل طبيعي في التفاح (كما في حبوب اللوبياء والفاصوليا والفول المنبتة والخضار الصليبية كالبروكولي والملفوف).

ومن أهم هذه العناصر أيضاً الألياف (fiber) القابلة للذوبان وأهمها البكتين، وغير القابلة للذوبان وهذه تعمل بطرق مختلفة إنما النتيجة واحدة وهي أنها تحمي جدار القولون من الأذى الناتج عن العوامل المخرِّبة والسامة الموجودة في الجهاز الهضمي، فالألياف القابلة للذوبان كالبكتين تذوب لتتحوّل إلى مادة هلامية غروية تحبس بداخلها المواد السامة المضرَّة العابرة في الأمعاء فتمنعها من مهاجمة جدار القولون والتسبُّب بتهيّجه ما قد يؤدي لاحقاً إلى الإصابة بسرطان القولون، هذا إضافة إلى أنها تلتصق بجدار القولون مشكِّلة جداراً واقياً.

أما الألياف غير القابلة للذوبان فهي تخرج من الجهاز الهضمي كما دخلت من دون أي تغيير، حتى أن العلماء كانوا يظنون سابقاً أنها لا تفيد بشيء!! والحقيقة أن هذه الألياف هي أكثر من مفيدة، فهي تعمل كالإسفنجة التي تمتصّ أضعاف أضعاف وزنها من الماء في أثناء عبورها في الأمعاء، ونتيجة ذلك فهي تسهِّل وتسرِّع عملية التخلص من الفضلات وتمنع الإمساك المؤلم مع ما له من عوارض كالبواسير والتشقّق والديفيرتيكيولوز (التكيّسات البارزة في جدار القولون). والأهم من كل ذلك أنها تُسرِّع عملية التخلص من الفضلات مع ما تحويه من مواد سامّة ومؤذية، فلا تدع لها متسعاً من الوقت لكي تفعل فعلها في جدار القولون وتجرحه، ومن هنا فهي تحمي القولون من هذه العناصر الضارة.

وقد قارن الباحثون في كندا نتائج 13 دراسة أُجريت على أكثر من 15,000 شخص، ووجدوا أن الأشخاص الذين كانوا يستهلكون الأغذية الغنية بالألياف انخفضت لديهم احتمالات الإصابة بسرطان القولون بنسبة 26-% على الأقل. وقد توصل الباحثون في ختام هذه الدراسة إلى أن زيادة استهلاك الألياف بمقدار 13 غراماً فقط يومياً، قد يخفِّض من خطر الإصابة بسرطان القولون حتى حدود 31¬% أقل!!

والفائدة هنا لا تنحصر فقط بالقولون، بل تتعداه لتشمل أعضاء أخرى كالثدي، فقد بيّنت الدراسات هذه أن الألياف غير القابلة للذوبان ترتبط بالإستروجين الموجود في الجهاز الهضمي فتمنع امتصاصه وتدفعه إلى خارج الجسم ما يؤدي إلى خفض مستوى الإستروجين في الدم وبالتالي خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي.

ومن المعروف أن خطر الإصابة بسرطان الثدي يزيد كلما ازدادت نسبة الإستروجين الذي تتعرض له المرأة في حياتها. من هنا تظهر أهمية هذه الألياف غير القابلة للذوبان التي تتصل بالإستروجين وتنخفض بالتالي نسبة تعرّض الأعضاء كالثدي لهذا الهرمون ما يؤثر إيجاباً على خفض خطر الإصابة بسرطان الثدي.

وهذا ما أيدته دراسة أُجريت في جامعة تورنتو (Toronto) بكندا، حيث أظهرت أن النساء اللاتي تناولن 28 غراماً من الألياف (Fiber) يومياً انخفضت لديهن نسبة الإصابة بسرطان الثدي حتى حدود 38-% أقل من اللاتي استهلكن 14 غراماً فقط في اليوم، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على فائدة هذه الألياف في الوقاية من الإصابة بهذه الأمراض الخطيرة!!

قد تبدو لنا هذه الكمية أي 28 غراماً كبيرة جداً، إلا أن الاعتماد على نظام غذائي غني بالخضار والفاكهة والحبوب والبقول على أنواعها يفي بالغرض إلى حدٍّ بعيد.

فالتفاحة الواحدة (الصغيرة نسبياً) تحتوي على 3 غرامات تقريباً من الألياف (تحديداً 2,8غ، 1غ ألياف قابلة للذوبان و1,8غ ألياف غير قابلة للذوبان) وهي من الأغذية القليلة السعرات الحرارية والكثيرة الفائدة في آن واحد، هذا مضافاً إلى لذّة الطعم حيث يستطيع المرء تناول عدة تفاحات.

 

التفاح وتخفيض الوزن!!

قليل من الناس لم يسمع بمقولة إن خلّ التفاح يخفِّض الكيلوغرامات الزائدة في الجسم وإنه يذيب الشحم بسرعة قصوى، وما إلى ذلك من أقوال وفرضيات، وهذا ليس له أي دليل علمي حتى الآن. أما ما أثبته العلم فهو أن التفاح يحتوي على نسبة جيدة من الألياف (Fiber) وهذه الألياف بنوعيها، القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان، وإن كانت تعمل بطرق مختلفة، إلا أنها تتعاون فيما بينها في المساعدة على التخلص من أكبر وأهم مشكلة في عصرنا الحالي، ألا وهي السمنة وزيادة الوزن!

كيف ذلك!! وخصوصاً أنه مع التقدم في العمر تصبح خسارة هذه الكيلوغرامات الزائدة أصعب فأصعب!!

يُجمع الأطباء وأخصائيو التغذية على أن تناول مقادير أكبر من الألياف في الغذاء هو من أسهل وأهم الطرق لخسارة الوزن الزائد وللحفاظ على الوزن المكتسب الجديد، وهذا الأخير هو أصعب من خسارة الوزن نفسها.

تقول البروفسور باربرا هارلاند، الأستاذة في علوم التغذية من جامعة هاوارد في مدينة واشنطن إن الإكثار من تناول الألياف هو من أهم الطرق لخسارة الوزن وللحفاظ على وزن مثالي وذلك لسببين رئيسين، الأول أنه عندما نأكل الأغذية الغنية بالألياف سريعاً ما نُحسّ بالشبع فنأكل أقل! والسبب الآخر – بحسب قول الأستاذة هارلاند – إنه حينما نأكل مقادير أكبر من الأغذية الغنية بالألياف فنحن نقلِّل تلقائياً من تناول الأغذية الأخرى المسبِّبة للسمنة!

والألياف غير القابلة للذوبان في التفاح هي التي تهب الإحساس بالشبع، وبأن المعدة ملأى، لذلك ولهذا السبب بالذات يُعتبر التفاح غذاءً مثالياً لخسارة الوزن وللمحافظة على وزن مثالي للأشخاص الذين يريدون خسارة وزنهم من دون الإحساس الدائم بالجوع والحرمان، وهذا هو الذي يؤدي في النهاية إلى التخلي عن أي نظام غذائي منحِّف!!

وللتفاح لفوائد أخرى عديدة نذكر منها:

*يُسهِّل عملية الهضم بسبب حموضته ونكهته المستحبة التي تثير الغدد اللعابية والمعوية لإفراز المزيد من الأنزيمات والأسيدات الهاضمة.

*يقوِّي جدار العروق الشَّعرية (capillaries) ويحمي من الإصابة بالنزف الدماغي والسكتة الدماغية لدى كبار السن بسبب غناه بمادة الروتين (Rutin) التي تتمركز في قشر التفاح، من هنا يُنصح بعدم تقشير التفاح أصلاً وبتناوله كما هو.

*يزيل السموم من الجهاز الهضمي، فالتفاح يحتوي على البكتين (Pectin) الذي يساعد على إزالة الرصاص (lead) من الجهاز الهضمي ودفعه خارجاً، وهذا يُعدّ من أهم الأمور بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في المدن حيث التلوث البيئي نتيجة زحمة السيارات والمصانع وغيرها.

 

كيف تحصل على أفضل النتائج؟

  • اختر النوعية الجيدة..

على عكس الاعتقاد السائد، فإن التفاح الأفضل للصحة هو ذاك الذي يتغيّر لونه أي يسمرّ سريعاً بعد تقشيره، وهذا التغيير في اللون إنما يدل على احتواء التفاح على العناصر الكيميائية الدفاعية المفيدة للإنسان.

ولا يجب أن نُسرّ أبداً باختيارنا النوعية الغالية الثمن والتي قد تبقى بيضاء بعد تقشيرها مدة طويلة فهذه تدخلت في طرق زراعتها الأيدي البشرية لكي تقلِّل فيها ما أمكن من هذه العناصر الدفاعية المفيدة أساساً، وذلك فقط لكي نرضي النظر على حساب النوعية.

  • كُل التفاحة كاملة بقشرها

كم من الناس يشغل نفسه بصنع عصير التفاح ليشربه مراراً وتكراراً ظاناً أنه يفعل الصحيح ويأخذ ما أمكنه من فوائد التفاح، إلا أن تناول تفاحة واحدة كاملة أفضل بكثير من شرب مقدار كبير من العصير لا يحتوي إلا القليل من الفيتامينات والعناصر الكيميائية المفيدة… والكثير من السكر!!

  • شُمّ التفاح قبل الأكل

أخيراً، فإن شمّ التفاح يؤدي إلى إثارة المراكز الحسية في الدماغ المسؤولة عن إثارة الغدد اللعابية والمعوية ما يزيد إفراز الأنزيمات الهاضمة ويساعد في عملية الهضم. فالتفاح يحتوي على مجموعة كبيرة من العناصر كالمواد العطرية كالهيكزينال (Hexenal) والهيكزينول (Hexenol)، والتي قد تصل إلى حدود 26 عنصراً عطرياً، وهذه العناصر مجموعة تعطي التفاح هذه الرائحة العطرية المميزة والتي كثيراً ما استفاد منها وحاول تقليدها صنّاع أفخر العطور إضافة إلى صنّاع الصابون والشامبو والمنظّفات المنزلية واللوسيونات والكريمات وغيرها…

  • عصير التفاح بدل الصودا والمشروبات الغازية!!

يستفاد من عصير التفاح على نطاق تجاري واسع وكثيرة هي الشركات الصناعية في الدول الغربية التي تُلزم عمالها بشرب عصير التفاح بدل الصودا أو أي مشروب آخر وذلك لتجديد النشاط ورفع قدرة الجسم على العمل المضني لاحتوائه على السكريات البسيطة كالكلوكوز (glucose) والفركتوز.

 

وصفات صحِّيَّة لذيذة

فطيرة التفاح والخوخ (البرقوق)

حلوى تقليدية معروفة، لذيذة وصحية في الوقت عينه، يحبها الصغار ويفضلونها إلى جانب الكاسترد أو الكريما الطازجة.

المقادير

*85غ طحين أسمر

*100غ عصيدة الشوفان

*25غ مارغرين (Low Fat)، مبرّدة ومقطعة قطعاً صغيرة

*55غ سكر أسمر

*5-6 خوخ (برقوق) ناضجة متوسطة الحجم، مشطورة نصفين ومنزوعة النواة

* تفاحتان كبيرتان، مقطعتان إلى شرائح

* ملعقة صغيرة قرفة

* ملعقتا طعام ماء

طريقة التحضير

–يُخلط الطحين الأسمر وعصيدة الشوفان في وعاء كبير، تضاف قطع المارغرين وتُفرك بأصابع اليدين جيداً حتى يصبح المزيج كالفتات الخشن.

–يضاف نصف كمية السكر الأسمر إلى الخليط مع الاستمرار بالتحريك والمزج جيداً.

–تُدهن صينية مخصصة للفطيرة بالقليل من الزيت، تُرتّب أنصاف الخوخ وشرائح التفاح في قعر الصينية ويُرشّ فوقها القرفة مع ما تبقى من السكر الأسمر. ثم تضاف كمية الماء.

–يوزّع مزيج الفتات فوق الفاكهة وتُستعمل الشوكة لتمديدها فوقها بشكل جيد.

–تُوضع الصينية في فرن حار (180 درجة مئوية) لمدة نصف ساعة تقريباً أو حتى يُصبح سطحها ذهبي اللون. تُقدّم الفطيرة ساخنة مع الكاسترد أو الكريما الطازجة قليلة الدسم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *