“لا صلاة إلا للحب”!؟

Views: 908

أمل سويدان

ما الهدف من الحب؟ هل فعلاً يُكمّلنا؟

 يسعى المرء دائماً إلى كسب إعجاب جميع من حوله، فيُحسّن مظهره وتصرفاته ليصبحا أكثر لياقة، ثم يبدأ رحلة البحث عن شريك له. وما أن يلتقي به حتى يبدأ البحث عن أساليب المحافظة عليه وكيفية تطويرعلاقتهما. قد يغيّر نفسه من أجل من يحب حتى يصبح نسخة ثانية عنه. كأنه استنساخ وليس التقاء! 

كثيرون يرون الحب على أنه إتحاد للأرواح قبل الأجساد، إنتقال من الممات إلى الحياة، يعتبرونه الخلاص بذاته. يكتبون قصائد وروايات يعيشون فيها الخيال والحب الأبدي بلا حدود أو نهايات حزينة، يكتبون كأنّ الحبيب يشبه تفاصيلهم ويشاركهم مخاوفهم وآمالهم. تراهم يرمون متاعبهم وأحزانهم بين الكلمات، وينتظرونها أن تعالج لهم أزماتهم النفسية لتملأ فراغهم بالكلمات الودية كما لو أنها الحبيب. لكن هل الحب إستنساخ؟ لقد شاهدت علاقات جميع من حولي لكنني وجدتها متشابهة. فجميعها تبدأ بنظرة عابرة أو بلقاءات منسقة، لكنني مثلاً – حتى الآن – لم يقل لي أحد إن صادف شخصاً وقال له في اللحظة الأولى هل تقبل حبي؟ أو كان يمشي والضياع يقوده بلا معرفة ما إن كان سيسقط أم سينجو بأعجوبة ليقول له أحدهم أنا الأعجوبة. أو كان يركض نحو الإنتحار ليمسك بيده شخص غريب ويقول إن لك الحياة.

 كثيرة هي علامات الإستفهام لديّ لأنني لا أريد أن أجزم بوضعي تعريفاً ظالماً للحب، لكن جل ما يمكنني قوله إن الحب أبو الفنون وأنه كل شيء في اللاشيء… نعم اللاشيء، لأن الحب في عقلي شيء من اللامحدود، عشبة خلود جلجامش، تلك الماورائيات التي ينهوس بها المؤمنون!!

 لن أنظر إلى الحب في الكتب النفسية لأنني لا أهدف إلى تعميم أجوبة حاسمة لإشكالية الحب العريقة، ولن أجعل أفكاري تصبح أفكاركم لأنني لا أطمح أن أرى عقلي يتبادله جميعكم. لكن لم لا نُألّه الحب كأفرودايت وكوبيد وإيروس وغيرهم؟ ماذا لو تعلمنا من الأفلام والروايات أحداث الحب بدلاً من الجنس والأوهام فقط؟  لعلنا حينها نستطيع أن نبني علاقات لا تتحكم بها تعليقات وزر إعجاب أزرق ولا تقودها بضع مكالمات وجلسات موقوتة. 

أنا أؤمن بأن الحب مجرد رغبة في خوض غمار الممنوعات وتسلق مراحل العشق سراً أو علانية. لكن الهدف منه واحد هو إشباع الرغبة. تلك المتعة التي ستزول بعد الحصول عليها حتى تصير سبباً في تجديد ملل ما قبل التعارف. أنا على يقين لو أن العلاقات الجنسية مباحة بلا سقف لما قال أحد حينها أحبك، أريدك أن تشاركني العائلة والمشاعر… 

كنت أسأل نفسي باستمرار ما هو الحب؟ أيمكننا العيش من دون علاقات عاطفية؟ وبعد طرح هذين السؤالين كانت الأجوبة متشابهة. فمنهم من رأى في الحب حياة لا يقدر الإستغناء عنه، أمناً وإستقراراً وإرضاءً لذاته التي يجتهد دوماً في بسطها حتى يخرج على العالم مليئاً بالتفاؤل ومحققاً هدف الطبيعة البشرية  أجمع، لأن الإنسان الناضج يبحث عن الحب الجميل ويتمسك به. وهو اللذة والشغف وأروع إحساس يرمم جروح الحزين وفراغه. ومنهم من قال أن الحب مجرد حاجة نفسية وجنسية ليست واقعية، تقودها الغريزة اللاواعية المحاطة بالأنانية والتملك، يدأب الحبيب عبره إلى إخماد شهواته. ثم ختم أحدهم قائلا: الحب كذبة وشيء من الأوهام!! لفتني هذا التشتت في الأجوبة التي كنت أبحث عنها دائماً، فأنا أحب الحب لكنني أشعر بأنه لا يشبهني. أنا أفتش عن المغامرات باستمرار لكنني لا أقبل تقييدها. أنا أنشد أناي لكنني أكره وأرفض أن أجدها ببضع كلمات وعناقات بل في مكانها الوحيد، فيّ أنا… نحن نبحث عن الحب لكننا لا ننشره، نكتب عنه ونهلوس به لكننا لا نعيشه، نتوسل إليه لكننا لا نعبده. فماذا لو أصبح الحب كالله وقلنا لا صلاة إلا للحب!؟

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *