عندما يذبحُ السياسيون الشعراء

Views: 686

مارون أبو شقرا

ما يتعرّض له صديقي الشاعر حبيب يونس ، ليس سوى موقف سياسي لا علاقة للأدب والشعر والأكاديميا والإيمان واللاهوت به…

لطالما عمل الشعراءُ على رفد قصائدهم برموز دينية لمضاعفة الشحن الشعري والقوّة الإيحائية … ولعلّ الشعراء المسيحيين تحديدًا هم أكثر من استخدم هذا الأسلوب، وذلك انطلاقًا من فهم دينيّ لاهوتي قائم أصلًا على فكرة الاله – الإنسان الذي عاش ولعب وضحك وأكل وغضب وتألم وسهر ونام وفرح معنا ومثلنا…

وهو من علّم أتباعه أنهم أبناء الله وأن الخادم كالمخدوم( متى 23:9/11

9 وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

11 وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ.)

وأنهم احباء الله لا عبيده..

(يوحنا 15:15

5 لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ …)

فالكثير من شعر سعيد عقل وموريس عواد وميشال طراد وجوزف غصين وجورج مسلّم والياس حبشي وجورج شكّور وغيرهم غرف من المعجم الديني والليتورجي واللاهوتي والإنجيلي وصبّ في أبياته الوطنية والغزلية والوجدانية والسياسية، وما سمعنا ردودًا من الناس الا التصفيق الحار والثناء الجمّ ….

ويوم كتب عقل عويط قصيدته الشهيرة ، وقامت الدنيا ولم تقعد، وقفت الكنيسة المارونية إلى جانبه باعتباره ابنها وباعتبار قدسية التعبير الفنّي …

“ما رسمتَه أنت في هذه الكنيسة، أعظم من كل صلواتي” قالها البابا مخاطبًا ميكالنج يوم انتهى من رسم سقف الكابيلا السكستينية ، حبّذا لو يتعرّف هادرو دم حبيب يونس على لوحة ” الدينونة أو اليوم الأخير”…

بالعودة للقصيدة ، (يذكر أنها جاءت بعد تنمّر طاول أثاث منزل الوزير المجتهد، وأفترض أنها أتت كنوع من تعويض أو جبرة خاطر بعد الإساءة المذكورة ) هي نص شعري جميل ، يشكر الشاعر من خلاله وعلى طريقته وزير صحّة يعمل ليل نهار على مرأى من أعين الجميع وبشهادتهم جميعًا، لمواجهة مرض عجزت أمامه أقوى الدول وأكثرها تقدّمًا ، فاستخدم المناسبة الدينية للتعبير والإيحاء والتصوير ، وهذا أمر شائع ومنطقي ومفهوم …

ترى، لو كان وزير الصحّة من تيار سياسي مناهض للوزير الحالي، واجتهد كما اجتهد الوزير حسن ، وكتب حبيب ما كتب ، هل كانت السيوف لتُشهر ؟؟؟؟

الى متى ستبقى قدرتنا على فهم الفنّ قدرةً محدودة ؟ ألم يمتعض الكثيرون منّا يوم مُنع مارسيل خليفه من إنشاد قصيدة “أنا يوسف يا أبي” ؟؟؟؟

ألم يستنكر “أبناء الإيمان” هذه الحادثة وغيرها ؟؟؟؟

ألم يقف كتّابهم ليحاضروا في حرّيّة الرأي وحرّيّة التعبير وقدسية الفن والإبداع ؟؟؟؟

ألم تنتشر على صفحاتهم يومًا عبارة “شارلي إيبدو تمثلني”؟؟؟ و “أنا شارلي إيبدو”؟؟؟؟؟ يوم هاجم إسلاميّون مبنى الصحيفة ؟؟؟ علمًا أن يونس لم يسخر من أحد….

ألم يشتموا ضيق صدر جمهور حزب الله يوم عرض شربل خليل حلقته المعروفة ؟؟؟؟

ثمّ، ورغم اعتراضي على فكرة جعل المركز الكاثوليكي للإعلام محكمة مطبوعات ، ورغم عدم موافقتي على بعض بياناته المتعلّقة بحرّيّة التعبير تحديدًا ، فلندع هذه الجهة تقول كلمتها قبل المحاكمة العرفية….

جيّد أن نقرأ هذا النص الإنجيلي من متى 25

“34 ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.

35 لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.

36 عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.

37 فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟

38 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟

39 وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟

40 فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.”

وزير الصحة ككل من يشارك برفع الآلام عن الناس ، هو أحد أخوة يسوع…..

كفى…

خافوا الله يا جماعة …

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *